قراءة في رواية "علي بابا والأربعون حبيبة" لعز الدين جلاوجي

قراءة في رواية "علي بابا والأربعون حبيبة" لعز الدين جلاوجي
النادي الأدبي
رواية علي بابا والأربعون حبيبة ، هي الرواية الـ11 للكاتب عز الدين جلاوجي.الطبعة الأولى 2023، منشورات المنتهى، عدد صفحاتها 278، قبل البدء في مضمون الرواية، لابد أن نتطرق أولا إلى غلاف الرواية،إن ما يخطر ببالنا في البداية هو العنوان، فهو المفتاح الرئيسي الذي يستند إليه القارئ لمعرفة مضمون النص، وقد توصل "أمبيرتو إيكو" إلى أن "مفتاح التأويل يلتصق بالعنوان". عنوان الرواية هو تناص للعنوان الأصلي في رواية ألف ليلة وليلة- علي بابا والأربعون لصا- ، لكن هنا نرى أن الكاتب قام بتغيير كلمة لصا وعوضها بكلمة حبيبة، وهذا ما يجعلنا نتساءل ما المقصود في العنوان أربعون حبيبة بدل أربعون لصا؟ ، فهذا يثير نوعا من الحيرة لدى القارئ لتدفعه إلى التساؤل، عن أسباب اختيار هذا العنوان، وما مدى مطابقته لمتن الرواية، هذا الأمر لا يمكن تفسيره، إلا من خلال ولوج عالم الرواية، ومن هنا يتمكن القارئ من اكتشاف هذه الرواية، وقيمها المتعددة. تحتوي رواية "علي بابا والأربعون حبيبة" على 6 فصول، وهي عبارة عن 6 ليالي إضافية على حكاية ألف ليلة وليلة الأصلية، يحتوي الفصل الأول على الليلة الثانية بعد الألف تحت عنوان: آية الخروج (وإن سعيكم لشتى)، وهنا تبدأ الرواية بحوار بين دنيا زاد وأختها شهرزاد، وتبدأ بحكايتها عن علي بابا ومغامراته مع رفاقه، وكيف أنهم عصوا قيم المجتمع وخرجوا عنهم، واتخذوا من الكهوف مسكنا لهم، وأنهم أصبحوا كقطاع الطرق، لكن علي بابا في الرواية ليس ذلك الرجل الصعلوك الذي تمرد على مجتمعه، بل هنا قدمه لنا الكاتب رمزا للقوة والشجاعة، والوفاء. الفصل الثاني: آية البعث )وهو الذي يخرج الخبء) هنا تكتمل رحلة علي بابا بعد عثوره على الجمجمة، لتكتسي بعدها لحما وملامح بشرية، ويتخذ معها الحديث وسرد وقائع حياتها قبل الممات، أما الفصل الثالث: تحت عنوان آية الغيب( قال عفريت من الجن)، هنا نجد تداخل بين عالم البشر والجن، الذي هو تطابق مع ما جاء في ألف ليلة وليلة الأصلية، عندما تختطف ملكة الجن علي بابا، وتأخذ منه العقد الذي هو ملك لحبيبته، فتشترط عليه لإعادة عقده، أن يتزوج منهم، حيث يبدأ العدد من أن يتخذ أربعين زوجة له، ومن هنا يتضح لنا مقصود عنوان الرواية "أربعون حبيبة". الفصل الرابع:: آية العودة (ثم جئت على قدر) في هذا الفصل تبدأ قصة بدر البدور، تلك الأميرة الحسناء التي وقعت في حب علي بابا وهربت معه، من الغدر الذي لحق والدها، ولكن تتفرق مع علي بابا لتتخذ وجهة أخرى، لتجد نفسها في مدينة أخرى ويتخذها الأمير قاضيا معادلا له، بعد أن تناولت جرعة سحرية وتحولت إلى رجل، فيذيع صيتها بحكمها العادل بين الناس. الفصل الخامس: آية الكشف (تلك آية أخرى) في هذا الفصل تبدأ القصة المعقدة لعلي بابا، عندما يجده رجل وهو الجوهري ليتخذه معه، ويخبر زوجته أن يتخذه ليساعده وهذا من خلال بنيته الجسدية القوية ، ولكن بعدما يرى العقد السحري عنده، هنا يكيد له مكيدة من أجل أن يأخذ منه العقد، وهكذا تتشابك الأحداث. تتحول هاته المشكلة إلى بدر البدور، ثم تكتشف مكيدة الجوهري، بعدها تحل المشكلة وتكشف عن نفسها للأمير وتخبره بالحقيقة، وتعود هي وعلي بابا إلى قصر والدها. الفصل السادس والأخير: آية الدخول (فاخلع نعيلك) هنا يعود علي بابا وحبيبته بدر البدور لقصر والدها، فتجده في حالة يرثى لها فقد أنهكه المرض والإهمال، وتعم الفوضى المكان، إلا أن الأمير يطلب من علي بابا أ ن يجد حلا لهذه الفوضى، لأنه رجل ذو شهامة وشجاعة، وفي الأخير يتزوج علي بابا وبدر البدور وتكون النهاية سعيدة. رواية "علي بابا والأربعون حبيبة" تستثمر في طياتها سحر العجائبي، لتنتج كتابة جديدة، فقد حاول الكاتب أن يستقرأ الماضي في ضوء الحاضر، هي كتابة على سراب الحقيقة، يشغل العجائبي حيزا كبيرا في الرواية، من خلال استثمار الكاتب للموروث الشعبي والأسطوري..تتميز الرواية ببنية سردية عجائبية، يتداخل فيها الواقع بغير الواقعي، والطبيعي بغير الطبيعي، بحيث يصدم توقع المتلقي، وهذا ما يجعل الرواية أكثر تأثيرا وأشد وقعا في نفس المتلقي. للمؤلف تقنية تقترب من المشاهد السينمائية، والوصف الموجز، وهناك انتقالات جميلة في السرد وفي أزمان متعددة، أيضا هيمنة المفارقات الزمنية وسيطرت مفارقة الاسترجاع، حيث كانت الأكثر بروزا في هذه الرواية، وهذا يشير إلى استمرارية حضور الزمن الماضي في أزمان متعددة.يتمظهر العجائبي في متن الرواية بمختلف أبعاده، وذلك لإبراز صورة واضحة عن رؤية الكاتب وسعة خياله وروعة أسلوبه، .. الكتابة الروائية عند عز الدين جلاوجي تتميز بالإبداع والتجدد المستمر، نصوصه مفتوحة على تأويلات واحتمالات كثيرة، لا يقدم الجاهز، وكل مرة يكتب فيها نصا آخر يجعل منه جديدا ومختلفا في قوالب مغايرة لا تعيد نفسها، والأسلوب العجائبي عند جلاوجي ينطلق بالذات المثقلة بالهموم، التي يحملها الإنسان بكل تعقيداته، تعكس رؤية الكون وما فيه من عجائب، فهو لا يقدمها جاهزة، بل أحيانا تبدو للقارئ الساذج سطحية ومبتذلة، لكنها أقنعة توجب علينا أن نتحلى بالكثير من الشك، والوعي والغور في باطن هذه النصوص بدء من العتبات ومتن النص وخطاباته لأنها تمثل كلا واحدا.

يرجى كتابة : تعليقك