اذْكُروا أحباءَكُم بخيْر.....بوزيان بن عاشور، رجل المسرح والرواية والمَرَح

اذْكُروا أحباءَكُم بخيْر.....بوزيان بن عاشور، رجل المسرح والرواية والمَرَح
النادي الأدبي
بوزيان بن عاشور من ذلكم الجيل الذي دفعه حماس الشباب إلى التمثيل المسرحي، يوم كان كثيرون من الجهلة ينظرون إلى المسرح بعيْن الدونية والاستخفاف. ولعل دراسته علم الاجتماع في زمن كان فيه التقاطُب بيْن المعسكريْن الرأسمالي والاشتراكي على أشدُّه، هو ما جعله يرتبط بروح وطنية صافية..، يسافر من ولاية إلى أخرى ممثٍّلاً متطوٍّعاً. يوم كُنَّا جميعاً نحلم بوطن جميل. اشتغل في الصحافة مدة طويلة: (جريدة الجمهورية، الوطن، الجزائر الأحداث..)، ومازال مواظباً على القراءة والكتابة كما بدأ منذ عقود. عندما انتقل (بوزيان) إلى الكتابة الروائية لم يبقَ تحت مظلة الكتابة الصحفية المباشرة، لأنه يدرك- وبفعل ممارسته الفن المسرحي- أن اللغة الأدبية مختلفة، وينبغي أنْ تكون فنٍّية بطبيعتها.ومن الصعب على مَن امتهن العمل الصحفي يتابع الوقائع ويحقق، أنْ ينزع عباءة التقريرية الفجَّة.لذلك تجد كتاباته بقدْر ما هي راسخة في الواقعية بقدْر ما تعلو على الزمان والمكان. إنها واقعية يلتقط فيها أحداثاً مألوفة فتبدو غير مألوفة. وهكذا يكتب ( Hogra) مثلاً، حيث نتجاوز هذا العنوان الدال المعروف إلى ترويض شخصيات تلتقي وتفترق في نسيج متكامل. ثورة التحرير والتاريخ الوطني عامة حاضر في كتاباته، كما سيُحدثك (بوزبان) عن امرأة تصعد إلى الجبل بحْثاً عن حبٍّها الأوَّل، كما هي المشاكل الاجتماعية مبرَّزة في ثوب أدبي ينطوي على عميق الأسى والأمل في آن. عندما قدَّم (الطاهر وطار ) لروايته (اللاز) حرص على أنْ ينبٍّه القارئ إلى أنه لا يكتب التاريخ ، لكنها مجرَّد حيلة لا يلبث القارئ أنْ يكتشفها. فأمَّا،(بوزيان) فهو لا ينفي حضور التاريخ في كتاباته، إنما يعمد إلى أن يقدٍّم التاريخ بعين أدبية مميَّزة. وقد كان في وُسعه وهو الصحفي المُتمرٍّس الذي درس علم الاجتماع أنْ يكتفي بمقالات تحليلية لافتة. القارئ باللغة العربية محروم من هذه الأعمال التي كُتبت بالفرنسية، لأن هناك شرخ بيْن "مُعرَّب ومفرنس"، وإلى اليوم لم نتمكَّن من بناء جسْر الترجمة المفقود، فكلٌّ قابعٌ في ركنه فارحٌ بما لديْه، وقد يلوٍّح بشهادة تحمله ولا يحملها. ما يشدُّني إلى صديقي (بوزيان) ليس لأنه كاتب معروف، فما أكثر الكُتَّاب الذين يكذبون كما يتنفَّسون، واستطاعوا أنْ يروٍّضوا اللغة بشكل جميل لكنَّه مخادع.أولئكم الذين استغلُّوا شبكة التواصل وأحاطوا أنفسهم بمريدين احترفوا المدح والمجاملة على نحو مفضوح، وانتهوا إلى ممارسة الإقصاء،.بل ما يشدُّني إلى العزيز(بوزيان) قٍيَمُه الإنسانية الراقية، فهو الذي لا يتنكَّر لماضيه ولا لمُعلٍّميه،يحدٍّثك بحركات مسرحية لم تفارقْه، كما لم تفارقْه ابتسامتُه البريئة وسرْد الطرائف الممتعة.إنه في تقديري الكاتب الذي حياتُه تعبير عن أدبه، وأدبُه خير تعليق على حياته. ألا-أيها الناس-اذْكروا أحياءَكُم بخير، فَلأنْ نحمد للإنسان قيمته ومقامه في حياته، أصْدَقُ بكثير من أن نتباكى عليه بعد رحيله.

يرجى كتابة : تعليقك