الْحَمْد لِلَّهِ وكفى والصلاة والسلام على المصطفى، أما بعد:
أول ما نبدأ به هو تهنئة الأمة الإسلامية والجزائرية على حلول شهر رمضان راجيين من المولى أن يتقبل صيام وقيام جميع المسلمين.
يعدّ البحث عن السعادة وتجنب الشقاوة في الحياة الدنيا وفي الآخرة غاية كل مسلم ومسلمة، وقد جاء الشرع الحنيف ليوجه أتباعه إلى الوجهة الصحيحة إلى أماكن السعادة، ويحذرهم من مواطن الشقاوة.
ويمكننا أن نربط رحلة البحث عن السعادة وتجنب الشقاوة بقانون الارتداد الإلهي سواء كان إيجابيا أو سلبيا. ولعل سائلا ما يسألنا عن مفهوم هذا القانون،
ما هو قانون الارتداد الإلهي؟
يقول الدكتور وليام جلاسر الفيلسوف المعروف والعالم النفساني أمريكي الجنسية في نظرية الاختيار التي توصل إليها من خلال تجاربه في الحياة التي تقول أن سبب بقاءنا على قيد الحياة هو التغذية والنوم، ومن أهم الاحتياجات هو الانتماء الذي يحتاج فيه الإنسان إلى الارتباط العاطفي مع إخوانه من البشر، حيث كل إنسان يحب أن يكون محبوبا وقريبا من بيئته، وقد ذكر هذا العالم النفساني أن القوةَ والكفاءةَ هما من الاحتياجات الإنسانية، وهذان الأمران لا يتحققان إلا بفضل شعورنا بالوفاء لتحقيق أهدافنا وتعزيز احترامنا لذواتنا وشعورنا بأننا قادرون على فعل الأشياء بكفاءة جيدة، وهذه النظرية مقتبسة في الأساس من القرآن الكريم وعلومه. والله سبحانه وتعالى لم يترك العباد دون أن يبين لهم الوسائل الصحيحة للحصول على السعادة.
مفهوم السعادة:
مفهوم السعادة عند عامة الناس مرتبط بالغنى أو الحصول على المال، ولو سألت أي إنسان على هذه البسيطة عن المال لقال لك هو الطريق إلى السعادة الدنيوية والأخروية؛ فالسعادة الدنيوية عنده كأن يتزوج بهذا المال بزوجة صالحة ويرزق بالأبناء البارين به الطائعين له، ويشتري به سكنا واسعا مريحا أو قصرا مُنيفا (طويل الارتفاع) يأويه وسيارة فارهة يركبها أو يعالج به نفسه من الأمراض وسائر الأسقام حتى يكون دائما في صحة جيدة وغيرها من ضروريات وكماليات الحياة، والسعادة الأخروية؛ كأن يحج بهذا المال أو يستر نفسه بلباس جميل يصلي فيه، أو يتصدق به أو يقرض به الله قرضا حسنا أو يُزِكيَه للأصناف الثمانية التي ذكرها الله حرصا منه لإرضاء ربه –سبحانه- من خلال إنفاقه المال في المواضع التي أمره الله أن ينفقه فيها وحببها إليه.
ونُذكِّر هنا بألاّ يُلتفت لمن يقول أنّ المال وسخ الدنيا، وأنه يكره للمسلم تحصيله وجمعه وتنميته، فمن قال بهذا القول فقد خالف الوصف القرآني للمال؛ حيث وصفه الله عز وجل بأنه زينة الحياة الدنيا بقوله سبحانه: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ سورة: الكهف - مدنية - الآية (46)، بل هو من الأمور المحببة والُمزيّنة للناس بدليل قوله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ سورة: آل عمران - مدنية - الآية (14).
(يتبع..)