لم تكن المساهمة في الثورة التحريرية المظفرة محصورة فقط في الكفاح المسلح بل امتدت إلى الكفاح الرياضي عن طريق منتخب جبهة التحرير الوطني، والذي ساهم بطريقته الخاصة في إيصال القضية الجزائرية وإسماع صوتها في مختلف المحافل الرياضية، ولقد كان المجاهد المتوفي كروم عبد الكريم -رحمة الله عليه- أحد هؤلاء الابطال الذين ساهموا رياضيا من أجل أن تعيش الجزائر مستقلة حرة حتى ولو كان ذلك على حساب المال والشهرة. بداية المجاهد المتوفي كروم عبد الكريم الكروية كانت في سعيدة مع المولودية المحلية، أين لعب في كافة الفئات إلى غاية الأكابر ، قبل أن يتنقل إلى فرنسا أين لعب لفريق هاو إسمه ألبي في مطلع العام 1957 برفقة 4 لاعبين جزائريين من ضمنهم الإخوة لكاك ، لينتقل إلى فريق سات سنة 1958 في الدوري الثاني ، قبل أن يستقر به المقام و لفترة 3 أشهر فقط مع فريق تروا الذي كان ينشط في الدوري الأول، وهنا حدثت له قصة طريفة وذلك تزامنا مع تلبية نداء الوطن والإخوة في تونس لبداية العهد مع منتخب جبهة التحرير الوطني . فعند التوقيع في نادي تروا، إستلم المجاهد المتوفي كروم عبد الكريم من مسؤوليه مبلغ 13 مليون فرنك فرنسي قديم قبل أن يهم بالهرب بمعية زوجته الفرنسية ونجله المسمى دحو الذي كان رضيعا و يبلغ من العمر 11 شهرا، حيث وضع مبلغ 13 مليون فرنك داخل ثياب الرضيع دحو حتى لا يلفت انتباه الحرس أو الأمن لتفادي الإشتباه فيه، خاصة و أنه كان فارا بطلب من قيادة الحزب التي وجهت أمرا بوجوب التنقل إلى تونس للإعلان عن تأسيس المنتخب بصفة رسمية، والشروع في تفعيل هذا المشروع . وبعد مبارحته للتراب الفرنسي، تمكن من اجتياز التراب السويسري قبل أن يجبر على مغادرة سويسرا التي أبلغت جميع المطاردين بتعذر إقامتهم كون سويسرا بلدا محايدا بموجب اتفاقية جنيف 1945، والتي تقضي بتفادي أي نشاط معادي ذو صبغة سياسية. بعدها، إنتقل المرحوم كروم برفقة عائلته الصغيرة إلى إيطاليا و هناك تمكن من اتخاذ وسيط مختص في الهجرة غير الشرعية منفذا للسفر على متن باخرة من إحدى سواحل نابولي الإيطالية و من ثمة إلى تونس .السلطات الفرنسية تلقت إشعارا من طرف إدارة فريق تروا يتضمن اختفاء كروم و بحوزته مبلغ الإمضاء مع الفريق، وفور ذلك، شرع البوليس الفرنسي في البحث عنه في فرنسا و الجزائر و تحديدا في مقر مسكن والده بمدينة سعيدة. و كانت إحدى الصحف الفرنسية الصادرة في العاصمة باريس قد كتبت مقالا صدر بعد نحو عامين وتحديدا في تاريخ 27/10/1960 تحدثت فيه عن قصة و ظروف فرار كروم و التحاقه بمنتخب جبهة التحرير الوطني . * مواجهة ريال مدريد ورفض بوسكاش التوقيع على البطاقة البريدية واجه منتخب جبهة التحرير الوطني النادي العملاق ريال مدريد بنجومه الكبار في صورة دي ستيفانو وبوسكاش بملعب البيرنابيو ، وهو ما كان بمثابة حلم أي جزائري سواء قديما أو حاليا، خاصة وأن الامر يتعلق بمواجهة الريال بملعبه ، مع العلم بأن تلك المباراة إنتهت بخسارة منتخب جبهة التحرير الوطني بنتيجة (5-2) وحدثت فيها واقعة عنصرية في نهاية المباراة عندما بادر المجاهد المتوفي كروم عبد الكريم إلى جمع توقيعات لاعبي الريال كتذكار حيث أمضوا جميعهم في البطاقة البريدية له باستثناء بوسكاش الذي أصر وبشدة على عدم التوقيع، وبعدها استفسر المرحوم السبب ليتضح له بأن بوسكاش يبغض العرب وهذا ما حز كثيرا في نفس المرحوم كروم عبد الكريم خاصة وأنه كان صغير السن.رسالة المرحوم كروم قبل وفاته المجاهد كروم عبد الكريم والذي وافته المنية يوم 9 جانفي 2022 عن عمر ناهز الـ84 سنة بعد صراع طويل مع المرض ، كانت رسالته الأخيرة للشباب الجزائري عامة أن تكون له الغيرة على وطنه وفقط بغض النظر عن أي شيء آخر، لأن أموال الدنيا والشهرة لا تساوي العيش حرا. ولم يفوت المرحوم الفرصة في رسالته لمطالبة الرياضيين على وجه الخصوص بالعمل على تشريف الراية الوطنية في مختلف المحافل الدولية لأن بلد كالجزائر كان دائما شامخا في العلياء ولا بد أن يبقى كذلك مهما تكالب عليه الأعداء. ويحمل اليوم المركب الرياضي الجديد بمدينة سيق إسم المجاهد المتوفي كروم عبد الكريم، والذي دشن بمناسبة ألعاب البحر الأبيض المتوسط 2022.