الدكتور مالكي زوهير من جامعة وهران1 :" متحف زبانة بوهران متعدد التخصصات والأكثر زيارة وطنيا "

الدكتور مالكي زوهير من جامعة  وهران1  :" متحف زبانة بوهران متعدد التخصصات والأكثر زيارة وطنيا "
ثقافة
صرح الأستاذ الدكتور مالكي زوهير من جامعة وهران1 أحمد بن بلة أن الجزائر تحتفل سنويا كباقي دول العالم بشهر التراث، من 18 أفريل إلى 18 ماي، و اختير هذا التاريخ لأن 18 أفريل هو اليوم العالمي للتراث، و 18 ماي هو اليوم العالمي للمتاحف، و لقد اختارت الجزائر هذه السنة شعار "تأمين التراث الثقافي" نظرا للأخطار التي يتعرض لها التراث الثقافي العالمي و الوطني من سرقة و نهب و اتجار غير شرعي، حيث تعمل كل المؤسسات ذات الطابع الثقافي والعلمي و كذا الجهات الأمنية المتخصصة في حماية التراث الثقافي الوطني على تنظيم معارض و ندوات للتعريف بالتراث و أهميتها، وكذلك التعريف بالطرق والوسائل المسخرة من طرف الدولة لحماية وصون التراث الجزائري و العالمي من الاتجار الغير شرعي، و حفظه وعرضه للجمهور، وهنا تبرز أهمية المتاحف في جمع ودراسة وحفظ وعرض مجموعاتها المتحفية للجمهور قصد التعريف والترويج لتاريخ الأمة. وأوضح الأستاذ مالكي زوهير أن المجلس الدولي للمتاحف I.C.O.M. عرّف سنة 2001 المتحف بأنه مؤسسة دائمـــة، دون هدف مربح، يكون في خدمة المجتمع وتطويره، مفتوح للجمهور، وهي تقوم بأبحاث تتعلق بالشواهد المادية للإنسان و ببيئته فتقتنيها، تحفظها، ترممها و تعرضها و كذا تتيحها لغرض الدراسة العلمية، التربوية والمتاعية، كما جاء آخر تحيين لتعريف المتحف من طرف المجلس الدولي للمتاحف بتاريخ 24 أكتوبر 2022، إثر انعقاد الجمعية العامة الغير عادية بمدينة "براغ"، ليعرف كالأتي: " المتحف مؤسسة دائمة، ليست ذات هدف ربحي وهي في خدمة المجتمع، تتخصص في البحث، الجمع، الحفظ، تفسير وعرض التراث المادي واللامادي. تكون المتاحف مفتوحة للجمهور، يمكن الوصول إليها وشاملة، تشجع على التنوع الثقافي ومستدامة. المتاحف تنشط وتتواصل مع الجمهور باحترام أخلاقيات المهنة المتحفية وباحترافية، مع إشراك كل مكونات المجتمع. هي بذلك تمنح لجمهورها تجارب متنوعة للتعلم، التمتع، التفكير وتبادل المعارف". ويوضح الأستاذ مالكي زوهير أنه مع حلول الألفية الثانية عرفت الجزائر إنشاء مجموعة كبيرة من المتاحف المتخصصة وطنيا، حيث أصبح عدد المتاحف العمومية الوطنية 22 متحفا عموميا وطنيا، وما يعادله من متاحف المدن و المواقع، كما أولي اهتماما خاص بتكوين العنصر البشري المتخصص، خاصة في الميادين التي تخص فترات المجموعات المتحفية، وكذلك ميادين الحفظ والصيانة وذلك بإشراك الجامعة الجزائرية في هذا الجهد، يعتبر المتحف العمومي الوطني أحمد زبانة بوهران، شاهدا على أكثر من قرن من عمليات الجمع والحفظ والعرض لمجموعات متحفية تكونت في ظروف جد خاصة، كانت دائما مرتبطة بساكنة المدينة وهران، وهم من لبوا دعوة جمعية "الجغرافيا والآثار"، فجمعوا النواة الأولى للمجموعات وتبرّعوا بالمال لإنشاء أول متحف للمدينة، هذا المتحف الذي يعايش كل الأحداث العلمية والسياسية والثقافية التي عرفتها المدينة منذ سنة 1889 إلى يومنا هذا (2024)، فمن فكرة لجمعية الجغرافيا والآثار لمدينة وهران إلى المتحف العمومي الوطني أحمد زبانة، أكبر متحف متعدد التخصصات، والأكثرها عددا من حيث المجموعات المحفوظة والمعروضة وطنيا، كما أنه يعد المتحف الأكثر زيارة وطنيا . وأضاف الأستاذ مالكي زوهير أن متحف مدينة وهـــــران أنشئ سنة 1885 من طرف جمعية الجغرافيا والأركيولوجيا لإقليم وهران، حيث ساهمت بلدية وهران بتخصيص مبنى المستشفى القديم لاحتضان المتحف، ليتم فتح أول متحف للمدينة رسميا يوم 05 ماي 1885، منذ هذا التاريخ كلفت جمعية الجغرافيا والآثار لمدينة وهران بتسيير المتحف وتنمية مجموعاته، الشيء الذي ساعدت عليه الاكتشافات المتعددة والحفريات الأركوليجية المنضمة في الغرب الجزائري، والجزائر بصفة عامة. كما أشار محدثنا إلى أنه في نفس السنة، 1885، تم نقل 3 لوحات فسيفسائية مكتشفة بموقع المدينة الرومانية "بورتيس ماقنيوس" بطيوة حاليا، كذلك مجموعة كاملة من النقائش والشواهد الجنائزية الرومانية، التي تم العثور عليها بالصدفة بمناطق مختلفة من الغرب الجزائري. بعد اكتمال عملية تنظيم وتقسيم المجموعات حسب تنظيم علمي تم تقسيم معروضات المتحف إلى 6 فروع، وهي كالآتي: فرع الآثار القديمة، المسكوكات، فرع ما قبل التاريخ والإثنوغرافيا، فرع الجزائـر، الفن، المنحوتات، الرسومات الأصلية والصور، تاريخ الطبيعة، منذ السنة الأولى لإنشاء متحف وهران، يمكن ملاحظة تميز هذا المتحف، من حيث غنى وتنوع المجموعات التي يحفظها ويعرضها، هذا ما سيجعله لاحقا يصنف كمتحف متعدد التخصصات، بل المتحف الوحيد الذي يضم مجموعات من تاريخ الطبيعة، وهو ما سيكسبه شهرة بين الرواد والزوار كما سنلاحظ لاحقا. بعدما نجحت جمعية الجغرافيا والآثار لمدينة وهران في تحقيق إنشاء متحف لمدينة وهران، الذي طالما كان حلما عصي التحقيق، قامت بتقديمه لمدينة وهران ممثلة في بلدية وهران يوم 8 أفريل 1885، فأطلق عليه تسمية "المتحف البلدي لمدينة وهران" ، وعين "الرائد دومايت" محافظا له، إلا أن البناية التي كانت تحوي المتحف سرعان ما أصبحت لا تقدر على توفير المكان لحفظ اللقى الأثرية المحولة للمتحف قصد دراستها وعرضها مما استوجب البحث عن مكان أكثر شساعة، مع حلول سنة 1891، سيتم نقل المتحف إلى بناية بشارع "مونتيبلو"، شارع"بن طيبة مكي" حاليا بحي سيدي الهواري، وهي عبارة عن مدرسة مهجورة، كانت تتكون من طابق أرضي و3 طوابق تحوي قاعتين فسيحتين بكل طابق، مما سيوفر المزيد من المساحات للمتحف، ليتمكن من تكوين مجموعات متحفيه يتم عرضها بطريقة علمية. بعد وفاة الرائد "دومايت" يوم 26 أبريل 1898، قررت بلدية وهران تسمية المتحف باسمه، عرفانا للمجهودات التي قدمها الرائد "دومايت" لإنشاء المتحف وتنظيمه وعمله به كأول محافظ وبصفة تطوعية، ليصبح "المتحف البلدي دومايت" وهي التسمية التي سيعرف بها المتحف إلى غاية مرحلة الاستقلال، وخلال سنة 1916م، قدمت بلدية وهران مخططا لإنشاء قصر للفنون يضم متحفا، مكتبة ومدرسة للفنون الجميلة، حيث خصصت قطعة أرضية ملك للبلدية للمشروع – القطعة الأرضية تقع بالحي الجديد بلاطو "سان جارمان"، وهي في أصل قطعة أرضية مقبرة إسلامية سيدي البشير، التي استولت عليها سلطة الاستعمار وحولتها لحي بلاطو "سان جارمان" سابقا حي سيدي البشير حاليا، سنة 1928، تحضيرا للاحتفال بالذكرى المائوية الأولى لاحتلال الجزائر من طرف المستعمر الفرنسي(1830م-1930م)، قرر المجلس السامي للذكرى المائوية، إنشاء 3 متاحف جديدة بإقليم الجزائر، فكانت مدينة وهران واحدة من المدن المعنية، إضافتا للجزائر العاصمة ومدينة قسنطينة، كما تقرر فتح هذه المتاحف الـ3 سنة 1930، وتم الافتتاح الرسمي "للمتحف البلدي دومايت"، يوم 11 نوفمبر 1935، بتأخر عن الموعد المحدد سابقا، وضم المبنى كل من المتحف البلدي، المكتبة البلدية ومدرسة الفنون الجميلة، ليبقى المتحف مسير من طرف بلدية وهران، مصلحة الفنون إلى غاية الاستقلال، بعد الاستقلال حافظ المتحف على نفس التسمية "المتحف البلدي دومايت" إلى غاية سنة 1984، حيث أطلق عليه اسم "متحف زبانة"، نسبة لشهيد المقصلة أحمد زبانة، كما بقي تحت وصاية بلدية وهران، وقد تميزت فترة ما بعد الاستقلال من 05 جولية 1962 إلى غاية سنة 1985، ببقاء المتحف تحت وصاية بلدية وهران. في سنة 1985م لأول مرة يصدر القانون الأساسي للمتاحف بالجزائر، الذي قسمها إلى نوعين:متاحف وطنية ومتاحف المواقع، ووضعها تحت وصاية وزارة الثقافة، لتتمتع المتاحف الوطنية بالاستقلالية المالية والإدارية، وهو ما يعتبر عصر جديد للمتاحف الجزائرية.

يرجى كتابة : تعليقك