أكد الفنان المسرحي الشاب بلكروي محمد أن مسرح الشارع نشأ وتبلور بفعل طقوس دينية تُمارس ضمن المواكب الجوالة من خلال الاحتفالات التي كانت تقام سنوياً في الحضارات الإنسانية القديمة كالبابلية والمصرية والإغريقية، ضمن موعد مُحدد سلفاً في الشوارع، موضحا أن هذا الشكل المسرحي يُقدم في الشارع والساحات والأماكن العامة، متخذاً من الناس المتواجدين عشوائياً جمهوراً لهُ ،ومُستلهماً موضوعاته من الواقع اليومي، بهدف إيصال أفكاره عن طريق المُشاركة التفاعلية مع العرض الخاضعة بالعلاقة الثُنائية التي تربط مكان تقديم العروض بتفاعل الجمهور المُتجمع عشوائياً معها، كما أن جمهور مسرح الشارع يختلف عن الجمهور الذي يرتاد العروض المسرحية المُقدمة في بنايات المسارح المُغلقة، لأن الحوار مع الجمهور يستخدمه الممثلون في جذب الجمهور إلى حالة المشاركة فيه من خلال إشراكهِ في اللعبة المسرحية .
وعن أهمية مسرح الشارع، فقد أوضح محمد بلكروي أنه الوسائل التي تُستخدم للتعبير عن قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية وترويجية، بما تحملهُ عروضه من مضامين فكرية تستهدف عامة الناس على اختلاف إنتماءاتهم الطبقية ومرجعياتهم الثقافية، عبرَ الذهاب إليهم في أماكن تواجدهم من أجل التواصل معهم من خلال التعبير عن قضاياهم وطرح حلول لمشاكلهم، لذلك فإن مسرح الشارع لهُ نتائج اجتماعية تؤثر في النشاط الاجتماعي للمُجتمع، كما أن هذا المسرح يترك آثاراً في الناس لاكتشاف أنفسهم، من خلال التفاعل مع عروضهِ التي تُعد بمثابة لحظات تعارف واكتشاف جماعي تتمحور حول قيم وأبعاد جماعية مُشتركة ذات طابع إنساني وقيمي.
وبخصوص الواقع الحالي لمسرح الشارع في الجزائر، فقد أكد بلكروي أنه في تراجع مقارنة بالسنوات الماضية التي كان فيها هذا النوع المسرحي مزدهرا، والمتمثل في "الحلقة" و"القوال" و "البراح" و "المداح"، وكلهم يندرجون ضمن مسرح الشارع الذي يعتبر موروثا من التراث الشعبي المادي واللامادي، وبالرغم من أن هذا النوع غاب عن الساحة الفنية، إلا أنه توجد بعض المبادرات في المناسبات التي نرى فيها عودة مسرح الشارع في وهران و عنابة و بلعباس و أدرار و مستغانم والبيض و برج بوعريريج.