في صيف عام 2020 كان للحزن أن زار بيتنا في وفاة أخي الكبير ضربان محمد لخضر، في عز أزمة كورونا ،وكنت أعيش حزنا لا يمكنني تصور تلك اللحظات التي مرت على أسرتنا، نعيش الفقد والحزن والمأساة ، كنت أعيش هذا وفي داخلي معنى أن كبير عائلتنا من الإخوة قد غادرنا بتلك الطريقة، وهو الذي كان أحد العناصر الحياتية التي رسمت لنا سعادة لامتناهية، ونحن نراه وقد بدأ يمنحنا انتصارات على الفقر والفاقة من لحظة سمعنا وعشنا رؤية جمالية في أن أخي محمد لخضر، سيكون لنا جميعا مصدر إلهام ومصدر سعادة يمنحنا الخير والعطاءات، ويبعد عنا شبح سكون خيم لسنوات في البيت، بيت سعيد بن اللبوخ والدي الذي مات رحمه الله ليترك والدتي المجاهدة حمدي فطيمة زهرة تضطلع بشؤون البيت .." عيشة راجل "..هكذا كانوا ينادونها ، ليكون لها إبنها الكبير صمام أمان لأجل أن تقتات العائلة ،عائلة هكذا كنا نعيش هذا الجو الجميل من لحظة أن اشترى لنا أخي في أول شهرية له مصروف العائلة يمنحنا عبرها سعادة أبدية ،نعم تلك كانت معزوفة راقية من لغة جديدة في بيتنا العامرة ونحن صغارا لينطفئ نور و مورد لنا في البيت ويتوفى أخي محمد لخضر ونعيش في صيف عام 2020، حزنا عميقا بمغادرة أخي دار الدنيا الى دار الفناء .
كنت حزينا بشكل لا يمكنني تصوره لكنني في نفس الوقت وفي ثنايا تلك الأيام الجنائزية التي عاشتها الجزائر ، يأتيني من هناك.. صوت آخر لمأساة الفقد أن أعيش على وقع حزن شديد عايشه الدكتور الناقد علي ملاحي يصنع حكاية من حزن مقنن في وفاة أخيه أيضا الحاج بن يوسف ملاحي ..نسيت حزني وقتها لأتجه لأخي علي ملاحي أمنحه ما يمكن أن يشكل طاقة عجيبة في مجابهة الحزن والفقد .. كنت على صلة بأخي الدكتور علي ملاحي أحاول أن أقنعه دائما بأن يتجه الى الله وحده كي ينسى فجيعة ضربت قواه ونخرت عزيمة كانت تلبسه، لأمنحه معالم حكاية الصبر الجميل.
كان يراني الدكتور علي ملاحي الأخ الذي لم تلده أمه ..كنت سفيرا له كي يكون كبيرا في النسيان، وفي أن لا يدخل ردهات الفقد ولا تتطور المعاني لتذهب عنه عامل الشجاعة في أن نقف معا نعزي بعضنا البعض، ونتسلح بالايمان الذي حبانا الله به، نعمة نفسية من ما منحتنا القوة الإيمانية التخندق في الصبر الذي يحيلك على أن تكون أكثر قوة وقت الشدائد، وبقي الدكتور علي ملاحي يؤسس لتلك الذات المكلومة المركونة إلى سياق فيه عوامل أن لا يبقى حبيس تلك اللحظات المأساوية.
قال يوما الدكتور علي ملاحي في أخيه الراحل الحاج بن يوسف: رحمك الله خويا الغالي. .. أنت معي عزيز في قلبي وفي دمي .. مادمت حيا .. أناديك ..أشد على يدك ..ولا يهمني من هذه الدنيا سوى رائحتك الزكية .. ما يحيطني الآن من أشياء وأسماء مجرد لعب، والدنيا لعبة ..قاسية .. لا تغريني متعتها ، أتحسس كل شيء ..ولا فاكهة فيها تملأ روحي سواك .." .. كان لتلك الكلمات أن مسحت عني الحزن بدوري لأن الدكتور علي ملاحي كان سفيري في تثوير أفكار الحزن التي كانت تنتابني، فأعطتني كلماته الإحساس أننا نشترك معا في مأساوية الموقف.
د . علي ملاحي رجل قوي متماسك ابن عائلة من الأخيار كبيرا هو في النسق الأدبي والنقدي ومن القامات الكبيرة في الجزائر، ضليع في تخصصه، وفي منهجيته التي سكبتها في ذاته العلمية معارف كان و لا يزال يمنهجها بروحه العلمية، ليصنع تلك الآثار الخالدة في الجامعة وفي المنابر، وفي الكتابة التي تحيلك على كبير لنا في الساحة الأدبية والنقدية أفتخر به وبانجازاته الكبيرة ، أستشهد هنا بكلام ابنته الدكتورة هدى ملاحي التي قالت فيه يوما وبكل اعتزاز : " فخورة لأنني ابنة هذا الرجل..فخورة لأنني ابنة علي ملاحي، أنت سندي الذي لا يزول أبدا..أنت نور عيني..أنت القلب الذي يحميني ..أخذت منك عزة النفس وأفتخر..شكرا لأنك حياتي شكرا والدي حبيبي الأستاذ الدكتور علي ملاحي، ورصده أيضا الدكتور عز الدين جلاوجي " أستاذنا الكبير علي ملاحي، حفظه الله باحثا عميقا ومبدعا متميزا وإنسانا مشرقا،نتعلم منه دوما حفظه الله وأبقاه لنا ذخرا".
يقول الدكتور علي ملاحي: " بدأت رحلتي مع النقد الأسلوبي من خلال أستاذي الراحل الدكتور صلاح فضل بجامعة عين شمس في فبراير 1985، عندما سجلت تحت إشرافه رسالة الماجستير بعنوان " الجملة الشعرية في القصيدة الجديدة دراسة أسلوبية في شعر بدر شاكر السياب" ..وكان ذلك نتيجة إحتكاك معرفي به شخصيا من خلال تدريسه لنا ومن خلال كتابه الشهير " علم الأسلوب مبادئه وإجراءاته" . رحمه الله وأحسن اليه وأكرم مثواه".
الدكتور علي ملاحي من مواليد 7 سبتمبر 1961 بالعامرة ولاية عين الدفلى، متزوج وأب لـ6 أطفال،أستاذ التعليم العالي منذ 2009، أستاذ محاضر منذ تاريخ 2004، متخصص في الدراسات النقدية المعاصرة في جامعة الجزائر 2 بوزريعة كلية الآداب واللغات، قسم اللغة العربية، مدير تحرير مجلة "التبيين" التي تصدر عن جمعية الجاحظية ابتداء من العدد 27 إلى الآن ، رئيس تحرير مجلة الحكمة بداية من 2013، رئيس مشروع دكتوراه الطور الثالث، تخصص الخطاب السردي المعاصر منذ 2015 إلى الآن، بجامعة الجزائر كلية اللغة العربية وآدابها واللغات الشرقية، وهو حاليا رئيس مشروع دكتوراه الطور الثالث شعبة الدراسات النقدية للسنة الرابعة على التوالي، رئيس تخصص النقد الحديث والمعاصر منذ 2017 إلى الآن، مسؤول الماستر تخصص النقد الحديث منذ 2015 إلى الآن.
عضو اللجنة العلمية لعدد من المجلات المصنفة داخل الجزائر وفي بعض الدول العربية ،صاحب 4 مجموعات شعرية، وهي أشواق مزمنة 1987، صفاء الأزمنة الخانقة 1989 ،العزف الغريب 2011، البحر يقرأ حالته 2011، إلى جانب 3 مجموعات مخطوطة شعرية، ناشط إعلامي بالجرائد الوطنية مثل الجمهورية، السلام، الشعب، المساء والخبر، من سنة 1979 إلى الآن من خلال مقالات متفرقة ومساهمات أدبية، منتج إذاعي على مدى 4 سنوات لبرنامج أدبي (أقلام على الدرب) من سنة 1999-2003، كذلك جمعني الله بكبير عالم أكاديمي ناقد شهير و واحد من الذين تحتفي بهم الخزانة العلمية، تركوا آثارهم في أروقة الجامعة والبحوث والدراسات المختلفة..، تشرفت به وبمحبته الدائمة منذ أن عايشنا أحداثا إنسانية مشتركة جمعتنا في الخير وفي محطات مختلفة تصنع لنا المحبة والإضافات.
