عبد العزيز بوباكير....خَزَّان الحقائق المجهولة

عبد العزيز بوباكير....خَزَّان الحقائق المجهولة
النادي الأدبي
بوباكير، هذا الإنسان المثقف والمثقف الإنسان، درس أيام الاتحاد السوفياتي هنالك فأتقن اللغة الروسية واطَّلع على روائع الأدب الروسي والعالمي ونبش خفايا المكتبات الشرقية. لكنَّه يقرأ بوعي حاد. فلا ينقل إليك إلا ما قام بغربلته.فهو حين يقع عليه الاختيار ليُحرِّر مذكرات الرئيس الشاذلي بن جديد، أو يترجم مذكرات أحمد طالب الإبراهيمي أو غيرهما من المسؤولين المعروفين، فلأن كفاءته المُميَّزة هي التي جرّتهم إليه اعترافاً منهم بقدراته الفريدة. حيث أنه كان يتقن الفرنسية وينقلها إلى العربية بلغة راقية. ومن غير شك أنَّ معاشرته مسؤولا مثل الرئيس الشاذلي سنوات طوالاً قد جعلته يسمع منه كثيراً ويكتب، لكنَّه لا شك يحتفظ بأسرار أخرى لم تُنشر وهذا من طبيعة الوفاء لمبادئ أخلاقية نبيلة. وإني، إذْ أقول إنه صندوق الحقائق الغائبة، فلأنَّه يخبرك بأن(شارلي شابلين) كان من بين من دشَّنوا فندق الأوراسي، وأن الرئيس البرتغالي(مانييل تكسيرا غوميز) نُفي إلى بجاية، وأنَّ تشي غيفارا حين زار الجزائر نجا من حادث مات فيه سائقُه فبكاه كما يبكي أخاه. ويحدثك عن لقاء عملاقيْن: بن شنب وكراتشفسكي وغيرهم كثير. كان بوباكير يختار عناوينه بعناية، فهي أدبية تستهويك وتجتذبك، وقد تنطوي على قدر من السخرية أحياناً لكنَّها لا تخلو من واقعية الحدث مثل: ((الإمبراطور نابليون ونصّ قنطار زلابية؟)).، وعندما كان يتحدَّث عن الكبار، فإنَّه لا يتطاول على أحد ،لكنَّه- في الوقت ذاته- لا يتردَّد في أنْ يستجْلي مواقفهم تجاه الوطن أو أية قضية تخصُّ البُعْد الإنساني.كذلك هي الحال مع أمثال: (سارتر وفرانسوا مورياك ومحمد عبده والطهطاوي)، كما كان لا يتردَّد في التصريح بموْقفه تجاه أقرب الناس إليه ولو كان (الطاهر وطار أو رشيد بوجدرة). كان عبد العزيز بوباكير دائم الحضور في الصحافة الوطنية بمقالاته المُميَّزة، وبجهوده في الترجمة، فهو من أبرز الوجوه في الثقافة الوطنية علْماً وخُلقاً. ولولا ظروفه الصحية القاسية لكان في وسْعه أن يزوِّد المكتبة الوطنية بتُحف ثمينة.هكذا نجد متعة في لغته الميسَّرة وتكتمل المتعة حتماً ونحن تكتشف شخصيات ووقائع غير معهودة. وأكاد أقول إنَّ ذاكرته التي ظلَّت حيَّة على الدوام بالرغم ممَّا يلاحقه من أمراض، هي أشبه بصندوق من العجائب. من أعماله : مذكرات الشاذلي بن جديد، . الأدب الجزائري في مرآة استشراقية، مذكرات محمد حربي(ترجمة عن الفرنسية(،. مذكرات أحمد طالب الإبراهيمي(ترجمة عن الفرنسية(،الأنتليجنسيا المغاربية، أفكار ونزعات(ترجمة عن الفرنسية، (النخبة الجزائرية في مطلع القرن العشرين وغيرها من الإصدارات. فإذا قُدِّر لك وأنْ جالستَ هذا الإنسان، فلا تتعجَّلْ أن تخطب عليه،واحْترز أن تحتكر الكلمة في حضْرته،فهو سيفضِّل الصمت على أن يقمعك. إنما من الأفيد أن تتواضع قليلاً أو كثيراً وأنْ تُوطّن نفسك على السماع ما استطعت. فإذا فعلت، فإنَّك –بالتأكيد- ستعود مُزوَّداً بما ليس لك به علم.

يرجى كتابة : تعليقك