"عادت حليمة إلى عادتها القديمة" مثل شهير يقال عندما يرى شخص و قد رجع لما كان عليه سابقا بعد فترة من الانقطاع و التغيير عن عادة أو سلوك معين لديه؛ و هي عبارة ناقدة تعبر عن عدم الرضا، مع بعض التوقع لذلك ربما.
يحدث هذا عنما يكون التغيير مؤقتا زمنيا، لسبب من الأسباب أو لظروف معينة ثم يعود الشخص الى ما كان عليه قبل ذلك.
و هذا يشير إلى عدة أمور و تفسيرات منها:
- عدم الحزم و ضعف الإرادة، لأن صاحب الإرادة القوية و العزم الأكيد لا يعود إلى ما كان عليه بعد أن يقرر و يبدأ، بل يمضي قدما صابرا مثابرا حتى النهاية و لو واجهته العقبات و الصعاب فإنه يعتبرها جزءا من الطريق.
عدم وضوح الرؤية: لأن الرؤية الواضحة تأتي من تفكير شامل و متكامل قبل الشروع في أي خطوة مهمة؛ فيكون الشخص متأكدا مما يريده و يبتغيه و كيفية الوصول إليه، و الصورة أمامه ظاهرة بلا لبس أو غبش. عكس المبادر بلا تفكير، سرعان ما ينقلب على عقبيه.
عدم توقع بعض النتائج أو التداعيات: لأن أي تغيير له كلفة إما مادية أو معنوية، و البعض لا يقدر أهميتها ووقدرته عليها إلا بعد فوات الأوان فيتراجع بعدما خطا خطوات في الطريق للأسف، لأن التبعات أكثر من طاقته.
عدم القناعة الحقيقية بالتغيير الذي أحدثه: بل ربما كان مجرد نزوة عابرة أو تقليد للغير دون تفكير و تقليب للأمور، فتزول الرغبة بتغير المزاج او الرفقة أو التأثر بشخصيات أخرى بديلة...
عدم التحضير الجيد للأمور: ما قد يؤدي إلى فشل المحاولة و عدم الرغبة في الاستمرار أو التكرار، لعدم أخذ التدابير اللازمة منذ البداية.
عدم توفر الجو المناسب و البيئة الداعمة: فأحيانا يحتاج التغيير إلى أن يشمل حتى البيئة و شبكة العلاقات فالصاحب ساحب كما يقال و الانسان اجتماعي بطبعه و يتاثر بمن معه سلبا او إيجابا. وهناك بيئات سلبية يكثر فيها التشاؤم و كسر الأمل و التقليل من الاحترام مع غياب التشجيع و التحفيز اللازم للاستمرار. لذا يجب التفكير أيضا في تغيير العلاقات إذا أردنا تغيير بعض العادات.
عدم تحقق النتائج المرغوبة: فبعض الأشخاص يقومون بتعديلات في حياتهم رغبة في تحقق شيء معين، فإذا لم يحدث يتراجعون إلى ما كانوا عليه انهزاما او انتقاما، و هو ما قد يتسبب في المبالغة أحيانا.
الاستعجال: فهناك من يتعجل النتائج التي ربما تحتاج لوقت أكثر؛ فيعود القهقرى، في حين كان الوقت كفيلا بتحقيق المأمول لكنها العجلة، و العجلة من الشيطان كما رأينا في المقال السابق.
زوال المؤثر: لأن بعض الناس المؤثر و الدافع لديهم داخلي و البعض خارجي. فإذا زال هذا المؤثر زالت أسباب التغيير و يعود لما كان عليه من قبل كأن لم يرغب في ذلك إطلاقا.
و من أبسط النماذج على هذا المثل هو التراجع لدى عدد من الناس عن أفضل ما فعلوه خلال شهر رمضان الفضيل و الذي كان فرصة ذهبية للتوبة و الاستغفار و العودة إلى طريق الله الواحد القهار ، فترى الناس فيه قائمة بالليل صائمة بالنهار
ترك بعضهم التدخين بهذه المناسبة و قلل منه آخرون لحد معين، و بدأ فيه أناس الصلاة بعد انقطاع و سترت فيه الفتيات أجسادهن بلباس العفة و الحياء و اقبل الكثيرون على كتاب الله قراءة و تدبرا.
الحمد لله هناك كثيرون صارت هذه بالنسبة لهم بداية جديدة وصفحة جديدة مع الله و مع النفس و الناس؛ لكن هذا ليس حال الجميع.
فلما مضى رمضان انطفأت مع ذهابه جذوة الكثيرين...فتكاسلوا عن الصلاة في المسجد ثم أخروها حتى تركوها تماما للأسف.
و من فتياتنا من تحجبت و تسترت في رمضان بمناسبة الصيام ..ثم ما لبثت أن خلعته بعد العيد و كأنه مئزر للصوم و الصلاة و ليس منهج حياة للمؤمنات.
و منهم من ختم القرآن أكثر من مرة خلال الشهر الفضيل، ثم لم يفتح المصحف منذ العيد
ومنهم المدخنون الذين عادوا لتناول ذاك السم القاتل صباحا و مساء استجابة لنداء العادة و الهوى غير مبالين بنداء العقل و استغاثة أعضاء الجسم التي تعاني من ذلك أشد العناء، كيف لا و الجزائر تحصي آلاف الإصابات الجديدة بالسرطان كل عام، و نسبة معتبرة منها بسبب التدخين، ما ينتهي بالوفاة أو بحالات بائسة لأصحابها حين يضطرون لإجراء عمليات جراحية حرجة.
هؤلاء يصح فيهم القول..عادت ريمة لعادتها القديمة...و ليتهم ما عادواو إلى مثل آخر بحول الله