المسارات السياحية لأماكن التعذيب إبان الاستعمار

معتقلات تؤرخ للذاكرة

معتقلات تؤرخ للذاكرة
ثقافة
نظم قسم البحث مدن و أقاليم التابع لمركز البحث العلمي و التقني في علم الانسان الاجتماعي والثقافي " الكراسك " بالتنسيق مع مديرية المجاهدين وذوي الحقوق لولاية وهران ندوة علمية حول " المسارات السياحية لمدينة وهران ـ أماكن التعذيب إبان الاستعمار الفرنسي" تحت اشراف الدكتور بشيري حمزة . وسعت هذه الندوة العلمية التي أدارتها الدكتورة فاطمة بولفضاوي لتثمين هذه المسارات التاريخية المتعلقة بالذاكرة الوطنية والمتمثل في أماكن التعذيب و السجون في الفترة الاستعمارية و بالأخص إبان ثورة التحرير، وهو ما يتطلب نقلها من منظور تاريخي مشحون بالمآسي والتي غالبا ما يريد الانسان نسيانها إلى منظور سياحي حيث التواصل مع ماضي أليم يمكن أن يثري المفخرة و العزة بما عاشه شهداء هذا الوطن و مجاهدوه، حيث تكون هذه الأماكن شاهدة على حقبة مهمة من تاريخ الجزائر. و قد أثر الباحثون في هذا اليوم الدراسي جوانب مهمة حيث قدم الدكتور بن قادة الصادق مداخلة هامة حول أماكن التعذيب في وهران إبان الاحتلال الفرنسي مبرزا المعتقلات التي أنشأتها فرنسا في الجزائر وكثفت من إعدادها أثناء الثورة مثّلت اضطهادا عنيفا جديدا في التعامل مع الجزائريين، رغبة منها في وضع حدّ للثورة، فكانت هذه المعتقلات تحت المراقبة المستمرة والدقيقة للسلطات الاستعمارية العليا، وبين الحين والآخر ترسل التعليمات العاجلة إلى القائمين على هذه المعتقلات تنبّههم وتحذرهم وتأمرهم في آن واحد، وكان معتقل "سان لو" يضم ضمن المعتقلين عناصر من الفرنسيين المتشبعين بالفكر الشيوعي الذين تعاطفوا مع القضية الجزائرية أما الباحثة مولاي حليمة من مركز الكراسك فعرجت في تدخلها على أساليب التعذيب في العد الاستعماري من خلال تسليط الضوء على عدة أماكن و شهادات لمجاهدين رحلوا من مدينة وهران ، في حين ركز الدكتور محمد بلحاج ممثل عن منظمة المجاهدين لولاية وهران على أقبية الخزينة العمومية بوهران التي كانت مركز تعذيب شبه الرسمي و ذكر قائمة طويلة من الاسماء النسوية الأوروبية التي تم اعتقلها بسبب مساعدتهم للثورة الجزائرية . وتحدث الاستاذ نعامة هواري من الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية عن الحصون والسجون عبر التاريخ في مدينة وهران مسلطا الضوء على الزنزانات الموجودة بقصر الباي الذي كانت الترسانة الاستعمارية والهمجية تعذب فيها المجاهدين و الكثير منهم قتلوا في ظروف غامضة . لقد أنشأت بها الإدارة الفرنسية الاستعمارية (32) مركزا من مراكز التعذيب حسب إحصاءات رسمية لمنظمة المجاهدين وذلك في الفترة الممتدة بين 1954 و1962، علما أن جلادي السلطات الاستعمارية لم يكونوا حتى في حاجة الى إنشاء مركز خاص بالتعذيب، كونهم كانوا يتخذون أي مكان، موقعا لممارسة قمعهم للوطنيين وحتى للمواطنين العاديين كالمزارع والمتاجر والحانات وحتى فيلاتهم الخاصة. وركز اكل من لمتدخلين بغدادي سكينة ، نيار سناء و فحاص بدرة صبرية على السياحة المظلمة التي يقصد بها الأماكن و المعتقلات التي عذبت فرنسا فيها المجاهدين والتي يجب أن يتم المحافظة عليها من الزوال و أن تصبح أماكن للسياحة يزورها السائح المحلي و الأجنبي مثلها مثل الأماكن السياحية في الخارج. لقد سلط الباحثون الضوء على عدة محاور هامة في هذه الندوة خاصة على حصون مدينة وهران و أبراجها بغية إحياء الذاكرة الوطنية والمحلية لهذه المعالم، والتي يمكنها أن تدمج في يوميات المواطن و خاصة الشباب المتعطشين للسفر عبر الزمن و التواصل مع أحداث هذا الماضي . ارتكز هذا اللقاء على عرض دراسات تاريخية وعرض شهادات تربطنا بواقع هذه المعالم و مكانتها لذا الذاكرة الشفهية و اذا اعتبرنا التاريخية ومعالمها تعيش وتحيا من خلال تفعيل دورها من طرف المجتمع المدني أو الهيئات العمومية بوصفها فضاءات سياحية تؤرخ لفترة مهمة من تاريخ الجزائر، فإن هذه المعالم قد تتعرض لمخاطر الفقدان و نسيان فظاعة جرائم الاستعمار الفرنسي . تشكل هذه الأماكن مواقع سياحية تاريخية يمكن اقتراحها ضمن مسارات الترويج السياحي في وهران وغيرها من المدن ، كما يمكنها أن تكون علامة عالميا مسجلة في تاريخ النضال الثوري والتي لا ينبغي التفريط فيها، بل يمكن الاستثمار فيها باعتبارها موردا سياحيا مهما في مجال اشهار جرائم الاستعمار ضد الانسانية ، وكذا مسار بيداغوجي للطلبة و التلاميذ و السياح و الإعلام . لقد أبرز الحضور من الأسرة الثورية و منهم المجاهد ميسوم بن رقية المحكوم عليه بالإعدام و كذا زميله المجاهد قدور بن عياد الأمين الوطني المكلف بالتنظيم في الجمعية الوطنية لقدماء المحكوم عليهم بالإعدام 54/62 مكتب وهران و المجاهد عمار سبيع رئيس الفرع الولائي للجمعية الوطنية 8 ماي لولاية وهران واقع المعتقلين الجزائريين أثناء الثورة التحريرية مقدمين شهادات حية حول جهنمية الاعتقال التي كانت تمارسها لفرنسا .

يرجى كتابة : تعليقك