بعد عودة الحياة الطبيعية وإلغاء الحجر الصحي بزوال خطر فيروس كورونا ، رفعت المنظومة الصحية شعار التحدي للاقلاع من جديد وضخ الاصلاحات الهيكلية والجذرية في اجندة التغيير وتقريب المواطن من مؤسسته الصحية وترقية وتحسين نوعية الخدمات الاستشفائية.
كانت سنتان كافيتان بالنسبة لقطاع الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات لمراجعة معايير التنظيم والتسيير بشكل يتماشى والمستجدات الراهنة والأخطار التي تهدد الصحة العالمية ، وكانت فترة الحجر الصحي درسا تقتدي به المنظومة الصحية بالجزائر للمضي قدما نحو الإسراع في إعداد خريطة صحية ترتكز عليها ذات المنظمة لتسيير مؤسساتها الموزعة عبر تراب الوطن من حيث الموارد والوسائل المادية والبشرية المسخرة والفوارق والاختلالات المسجلة سواء بالنسبة للتجهيزات والعلاج أو الطاقم المجند وهذا لضمان تغطية صحية صحيحة خالية من المفارقات واعتلالات ، تطبيقا للمرسوم التنفيذي رقم 22- 373 المؤرخ في 27 أكتوبر 2022 .
ومن بين التعديلات التي حددتها الخريطة الصحية البطاقة المغناطيسية التي تتضمن ملف كل مواطن جزائري من يوم الولادة إلى غاية الوفاة لمتابعة حالته الصحية عند كل فحص أو علاج مرجعي ، إلى جانب إرساء النصوص القانونية التنظيمية وإرساء التكامل بين القطاعين العمومي والخاص مع تعزيز التغطية المتخصصة عن طريق برامج التوأمة والطب عن بعد وإخراج الفحوصات الطبية المتخصصة عن المؤسسات الاستشفائية .
وباعتبار أن قسم الاستعجالات الطبية النقطة السوداء في القطاع أولت الوزارة الوصية عناية خالصة لهذا الاختصاص بالذات لسد كل الثغرات المسجلة والفارق الملحوظ في الخدمة الصحية المقدمة بتسريع تنظيم ومراجعة العلاج الاستعجالي ، وفق إستراتيجية رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون .
وفي خضم الإصلاحات الهيكلية التي سطرتها الوزارة تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية فقد استفادت المنظومة الصحية من ميزانية تساوي 711 مليار دينار في سنة 2023 لتطوير الجهاز والتكفل الأمثل بالمريض مع تسليم مرتقب ل 90 مؤسسة خلال السنة الجارية .
بالمقابل وأمام خطر الأوبئة وتفشي عدوى الفيروسات فقد عززت الدولة مكانة الطب الوقائي والوبائي بالتصدي والحد من الوفاة الناجمة عن الأمراض المتنقلة والتي تتكفل بها 53 مصلحة للوقاية و273 مصلحة للأوبئة والطب الوقائي على مستوى بالهياكل العمومية لصحة الجوارية إلى جانب 210 مصلحة للأوبئة والطب الوقائي بالمؤسسات الإستشفائية
وفي 17 أكتوبر من 2022 ولأول مرة تقرر تخصيص هذا التاريخ يوما وطنيا للنظافة الاستشفائية بالتركيز على الشق الوقائي بالدرجة الأولى سواء من جانب التعقيم ، والتحصين من العدوى عن طريق جدار صحي عازل تضبطه المنظمة وفق المعايير والشروط الصحية التي تقرها منظمة الصحة العالمية .
وبما أن هذا الشرط بالذات لا يتجسد إلا بتضافر جهود طرفي معادلة السلامة الصحية وبترسيخ ثقافة الوقاية فقد سطرت الوزارة حملات توعوية تصب في قالب التحسيس لتبني سلوكات سليمة كفيلة بالعيش في وسط خال من الأوبئة ، علما أن الجزائر من بين الدول التي التزمت بشعار يونيسف ودعوتها إلى تحقيق التنمية المستدامة والوفاء بوعد 2030 الرامي إلى تجسيد نتائج ملموسة مع كل طفل باعتباره الحلقة الأولى في سلسلة العناية والتكفل بالصحة العمومية.