اختتم نهاية الأسبوع مجلس التعاون العلمي العربي بالجزائر الندوات الدولية المندرجة تخت شعار ''اشراقات رمضانية'' الموسومة بـ'' الروابط الاجتماعية الرمضانية بالمجتعات العربية في ظل عالم متغير'' والتي اعتمد على تقنية التحاضر عن بعد Zoom في تنشيطها منذ الأسبوع الأول من شهر رمضان الجاري، حضي هذا اللقاء العلمي بمشاركات عربية تمثيلية لدولة الجزائر، لبنان، مصر، سوريا وليبيا وجمهور من دول عربية مختلفة.
والهدف من هذه الندوة خلق فضاء للتواصل وتوحيد الجهود الأكاديمية العربية للغوص في رحاب المعرفة وربطها بموضوع الرابطة الاجتماعية كأحد المحاور الأساسية والهامة في المجتمعات العربية، من خلال فتح المجال للطرح والتوسع بالدراسات والأبحاث في ظل عالم متغير، على اعتبار أن الرابطة الاجتماعية وليدة الحاجة الإنسانية لما لها من دور كبير في تشكل العلاقات والتواصل الاجتماعي والتضامن والتكافل الاجتماعي، كشبكة مستدامة من العلاقات (الرأسمال الاجتماعي الذي يقوم على عاملين أساسيين هما الثقة والواجب).
هذه المسألة تم تحديدها في طرح اشكالات حقيقية لرصد وقائع المجتمعات العربية:
- ماهي طبيعة الروابط الاجتماعية في المجتمعات العربية؟
- هل هذه الروابط الاجتماعية الساعية إلى الاتجاه نحو معايير المجتمع الحديث لتحقيق الغايات والأهداف؟
- كيف يمكننا أن نتكلم عن التغيرات و المفارقات التي تحدث في المجتمع وتشكل لنا مؤشرات الروابطة الاجتماعية المعاش يوميا في ظل انتشار ثقافات جديدة؟
- وكيف يمكننا تحليلها من طرف مختصين بمقاربات متعددة التخصصات؟
حيث افتتحت الدكتورة ثناء الحلوة -لبنان- الندوة الدولية مؤكدة في مستهل كلماتها أن هذه اللقاءات الفكرية تحمل في طياتها سر اللحمة والتعاون المعرفي بين الباحثين والمختصين والخبراء لتشكل لنا نسيجا يعزز ربط العلاقات الدولية في ظل التغيرات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، مما جعل المجتمعات العربية تعيش صراعا نفسيا واجتماعيا بين التقليد والتجديد، كأحد المحاور المسطرة في هذه المأدبة الفكرية للتأكيد على العلاقة الموجودة بين الانسان ومجتمعه من خلال العملية التفاعلية التي تتأرجح ركائزها في ظل التحولات التي طرأت على نمط الحياة وأثرت على الرابطة الاجتماعية ضمن فترة تاريخية امتدت من أزمة الروابط الى أزمة القيم في الحياة اليومية.
تلاها البروفيسور علاء اسماعيل حمزاوي ممثلا عن دولة مصر والذي طرح مداخلة حاول من خلالها ربط عالمية الإسلام في قيمة الانسانية اين سلط الضوء على القراءة في قيمة التراحم، وما سجله التاريخ الاسلامي من نماذج التماسك والاعتصام والقيم المرتبطة بالظروف الاجتماعية المتداخلة مع الأنساق، هذه المرجعية الدينية التي يقوم عليها الدين بضبطها وتنظيمها والحفاظ على استمراريتها لتشكل لنا قوة العلاقات الاجتماعية في المجتمعات العربية.
في حين تناول البروفيسور عبد القادر خليفة من الجزائر من خلال تحليله السوسيوأنثروبولوجي في جانبين الثقافي والديني ومحاولة ربط التضامن الاجتماعي في شهر رمضان بنموذجين -الغذاء والمقدس- الذي يربط أفراد المجتمع بعضهم البعض ويعد أساس الرابطة الاجتماعية لتحقيق حاجاتهم المشتركة في معاشهم اليومي، حيث ذكر في طرحه الضمير الجمعي الذي يعد المجموعة الكلي للمعتقدات والعواطف العامة بين معظم أعضاء المجتمع لتشكل لنا نسقا له طابع متميز يكسب واقعا ملموسا يدعم به الروابط بين الأجيال يكمن جوهره في تفاعل الأفراد وترابطهم.
وتناولت الدكتورة رولا الصيداوي من سوريا مداخلتها الموسومة بـ "المسؤولية المجتمعية العربية ودورها في تعزيز الروابط الاجتماعية عن طريق التماسك " للدلالة على الرابطة القوية والتآرز والاعتماد المتبادل، كما يظهر في الحياة الاجتماعية وهذا ما يشير إلى تضامن الفرد مع جماعته في المسؤولية ويتشكل تضامن استمراري بين الأجيال المتتابعة.
وطرحت الدكتورة نعيمة عمر العزير من ليبيا بعض صور الروابط الاجتماعية التي تشهدها دولة ليبيا في شهر رمضان والتي شكلت الذهنية الليبية في التعاون والتضامن والتكافل الاجتماعي ويستمر ذلك بشبكة العلاقات الاجتماعية وبهذا تتأسس الروابط الاجتماعية على مجموعة القيم المتميزة والمتكاملة وتصورات وممارسات المجتمع الليبي نحو التعزيز العادات والتقاليد في الشهر الفضيل.
بعد ذلك تم تقديم مداخلة من الجزائر من طرف الأستاذ كمال صلاي بعنوان: "الاعتيادي والعقائدي في الروابط الاجتماعية الرمضانية بالجزائر: أية مفارقة؟ " مؤكدا في طرحه السوسيولوجي أننا عندما نتحدث عن الروابط الاجتماعية نربطها بالتغيرات والتحولات التي تطرأ عليها لتدخل في حالة التغير مع عالم السلوكيات والأخلاق والقيم والثقافات الجديدة، تفرضها مواكبة التغيرات الحاصلة في المجتمع نتيجة الحداثي والعولمة، ليربط هذه المسألة بنقاط أساسية تمثلت في انتاج قيم وطقوس دينية كتعبير عن السلوكات التدينية، وقيم أخلاقية إنسانية في شعائر الصوم وختمها بالثقافات العرفية التي تنتج للمجتمع شكل من التقاليد والتطبعات ويحاول أن يستدعي الذاكرة الجماعية التي تعبر عن العادات والتقاليد في المعاش اليومي.
اختتمت الندوة بمناقشات واضافات أثرت الموضوع برؤية تحليلية من زوايا متعددة في ظل التغيرات التي مست المجتمعات العربية.
