قبل 40 سنة كانت مظاهر العيد تتجلى في الشوارع والأحياء، تلك الأجواء التي تنبعث منها رائحة العيد العطرة تخرج من داخل البيوت إلى أبعد حي، تحضيرات العيد تميزها تلك الحلويات التقليدية التي كانت تحضرها الأمهات والبنات ولكن الميزة فيها هو أنها تطهى خارج المنزل في أفران الحي التي يستعد أصحابها لهذه المهمة ويتفرغون لها كليا منذ الأسبوع الأخير من رمضان.
أجمل لحظات جيل الثمانينات والتسعينات هي حمل صينيات الكعك والطورنو إلى مخبزة الحي لطهيها، وبعد أخذ التذكرة يتوجب الانتظار في طوابير طويلة أمام المخبزة التي تفوح منها رائحة الحلوى الطيبة التي تُسيل لعاب الصائمين وكانت معظم المخابز تحتجب عن تحضير وبيع الخبز تلك الأيام حتى آخر ليلة من رمضان، وتكون الفرحة كبيرة عندما تنضج الحلوى ونعود بها الى المنزل ننتظر آذان المغرب لنكون أول من يتذوقها خفية عن الأم.
تلك كانت أسعد أيام المراهقين والأطفال الذين كانوا يكلفون بهذه المهمة والويل ان نقصت حبة كعك أو طورنو من الصينية، فرحة العبد كانت تبأ من هنا، في سر من أسرار رمضان زمان الذي ترك فينا الحنين لكل لحظة وكل ثانية عشنا فيها الفرحة بحق كبرنا فيها على الرضا والطاعة، فبعد شراء ملابس العيد من سوق المدينة الجديدة او سوق القصب تكتمل الفرحة والبهجة مع حلوى العيد في محطات لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الأجيال.
