اختتمت اليوم كأس أمم إفريقيا لفئة أقل من 17 التي احتضنتها الجزائر في الطبعة الـ15 التي تعد استثنائية بكافة المقاييس، من خلال التنظيم المحكم والذي لم يكن له مثيل في الدورات السابقة، وعلى ملاعب من طراز عالمي سواء بالتحفة "نيلسون مانديلا" الذي يحمل اسم أحد أبرز الزعماء الأفارقة الذي جابه وواجه الحركات العنصرية، إلى جانب ملعب "19 ماي 1956" بعنابة وملعب الشهيد "حملاوي" بقسنطينة، إضافة إلى التحف الرياضية من منشآت مخصصة لهذا الحدث الإفريقي، ويجب الإشادة بحفاوة استقبال الوفود المشاركة في الولايات الثلاثة التي كان أبطالها أفراد الشعب الجزائري المضياف. أما على الصعيد الفني، فهذه المرة الأولى التي تقام كأس إفريقيا للناشئين بمشاركة 12 منتخبا، بما أن جل المنافسات الأخرى كانت تقام بـ 8 منتخبات فقط مقسمة على مجموعتين، ناهيك عن المستوى العالي الذي أظهرته مواهب القارة السمراء من نسوج كروية فردية وجماعية، أكدت أن القارة السمراء خزان للمواهب تتغذى منه كبرى الدوريات الأوروبية، من خلال العروض التي قدمها منتخب السنغال الذي يعيش اليوم صحوة كروية عملاقة، من خلال كل ما تفعله المنتخبات الكروية في هذا البلد من منتخب أول، منتخب المحلي والأواسط والناشئين، في انتظار ما سيقدمه المنتخب الأولمبي المرشح هو أيضا للتواجد في أولمبياد باريس 2024، كما لا يجب أن ننسى المستوى الذي ظهرت به كل من بوركينافاسو ومالي و الثنائي الذي رافق السنغال إلى المونديال، في انتظار ما سيفعله الثلاثي الإفريقي في العرس العالمي الصغير، كما أن كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة، لم تكن عرسا رياضيا فحسب، بل كانت فرصة للترويج للموروث السياحي والثقافي الجزائري، مثلما كان عليه الحال في ألعاب البحر الأبيض المتوسط في نسختها الـ19 والتي احتضنتها وهران الصيف المنصرم، والبطولة العربية للسباحة والجمباز بعاصمة الغرب الجزائري دائما، قبل أن تنبهر إفريقيا بما تمتلكه الجزائر من بنى تحتية في بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين، التي كانت الأفضل بين كل النسخ المنظمة من قبل، لأحرجت الجزائر البلد الذي سينظم كأس أمم إفريقيا القادمة "الكان" وليس "الشان" فقط في بلد "الهمة والشان". الجزائر الأجدر باحتضان "كان 2025"كل هذا سيفتح الشهية للأشقاء العرب كي يكتشفوا إمكانات الجزائر في الألعاب العربية التي ستقام في 7 ولايات من 5 إلى 15 جويلية القادم والتي تنظمها الجزائر لثاني مرة في تاريخها بعد نسخة 2005، وهي فرصة أخرى للجزائر كي تقدم دروسا في فنيات التنظيم وحفاوة الاستقبال، وتبرهن أحقيتها وجدارتها في نيل استضافة كأس أمم إفريقيا 2025، وهي أكبر تظاهرة رياضية في القارة السمراء. وعلى غرار حفل الافتتاح الذي حمل عنوان "إفريقيا والشباب"، كان حفل الاختتام رائعا وجميلا، وما زاده رونقا هو تنشيطه من قبل المغنيين "شمسو فريكلان" و"الشاب بلال". وبعيدا عن الأمور التنظيمية وما يجب مراجعته هو العمل القاعدي والتكوين في المنظومة الكروية الجزائرية، كي يرافق التنظيم الباهر الأداء المتميز لعناصرنا الشابة، وعليه صار من الضروري اليوم التفكير في إستراتيجية واضحة المعالم من أجل الرقي بالفئات الشابة لمختلف المنتخبات الكروية في كرة القدم واستخلاص الدروس من هذه المشاركة الثانية التي تبقى في طي النسيان ولم تكن كسابقتها في 2009 حيث كان صغار "الخضر" في الوصافة وتأهلوا بجدارة واستحقاق إلى مونديال نيجيريا حينها.