وصل ارتفاع درجات الحرارة خلال الفترة الأخيرة إلى مستويات غير مسبوقة, مما يعرض البشرية لمخاطر موجات الحر والحرائق والجفاف لفترات طويلة, فيما تعالت الدعوات إلى تحرك عاجل لتفادي أسوأ التغيرات المناخية.
وسجل شهر يوليو 2023 المستوى القياسي لأكثر الشهور حرا على الإطلاق في العالم, بفارق 0,33 درجة مئوية, عن شهر يوليو 2019, كما سجل حرارة جو أكثر سخونة بـ 0.72 درجة مقارنة مع أشهر يوليو في السنوات الممتدة بين 1991 و2020, وفقا لما أفاد به اليوم الثلاثاء, مرصد "كوبرنيكوس" الأوروبي للمناخ.
وتشهد المحيطات هذا التوجه المقلق مع حرارة سطح المياه المرتفعة منذ أبريل 2023 ومستويات غير مسبوقة في يوليو الجاري مع تسجيل 20,96 درجة مئوية فيما كانت حرارة سطح المياه للشهر برمته أعلى بـ0,51 درجة مئوية من المعدل المسجل بين العامين 1991 و2020.
وأثارت هذه القفزة الحادة في درجات الحرارة قلق الباحثين, حيث قال بريان ماكنولدي, كبير علماء الأبحاث بجامعة ميامي الأمريكية: "هذه الدرجات أعلى بكثير مما سجل سابقا بدرجة تستعصي على الفهم, حتى لا تكاد تبدو حقيقية". وذكر
زيك هاوسفاثير, عالم المناخ في منظمة أبحاث "بركيلي ايرث" أن الاحترار الكلي للكوكب "يقع في نطاق ما توقع العلماء حدوثه" مع استمرار البشر في ضخ كميات هائلة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.
وأوضح المتتبعون لتغيير المناخ أنه منذ القرن التاسع عشر, ارتفعت درجة حرارة الأرض إجمالا, بمقدار درجتين فهرنهايت تقريبا (أقل من 1.6 درجة سليزيوس) وستستمر في الارتفاع أكثر حتى يوقف البشر جميع الانبعاثات من الوقود الأحفوري ويوقفوا إزالة الغابات.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة, أنطونيو غوتيريش أن البشرية انتقلت من مرحلة الاحترار المناخي لتدخل "مرحلة الغليان العالمي". وأضاف: "تغير المناخ هنا.. إنه لمروع.. وما هي إلا البداية. ما زال من الممكن الحد من ارتفاع حرارة
الكوكب إلى 1.5 درجة مئوية وتفادي أسوأ التغيرات المناخية, لكن ذلك يتطلب تحركا مناخيا كبيرا وعلى الفور".
كما أثرت درجات الحرارة الشديدة على مساحات شاسعة من كوكب الأرض, ففي حين أن الفترة الليلية عادة ما تكون أكثر برودة في الصحراء, فقد شهد وادي الموت (ديث فالي) في ولاية كاليفورنيا الأمريكية على سبيل المثال, أشد الليالي من حيث السخونة على مستوى العالم في شهر يوليو الجاري.
وتقول وسائل إعلام أمريكية أن هذا الارتفاع يأتي في الوقت الذي يحذر فيه خبراء الأرصاد من أن كوكب الأرض يمكن أن يدخل فترة متعددة السنوات من الدفء الاستثنائي مدفوعا بعاملين رئيسيين: استمرار انبعاثات الغازات المسببة
للاحتباس الحراري والناجمة أساسا عن حرق البشر للنفط والغاز والفحم, وعودة ظاهرة النينيو وهو نمط مناخي دوري.
وبالفعل بدأت مؤشرات الاحترار المناخي الناجمة عن هذه النشاطات البشرية والتي تظهر متزامنة عبر العالم, وهي واضحة في اليونان التي اجتاحت أجزاء منها حرائق كبيرة وكندا التي شهدت أيضا فيضانات واسعة, وحر خانق في جنوب أوروبا وشمال إفريقيا وجنوب الولايات المتحدة وجزء من الصين التي انهمرت عليها أمطار طوفانية.
وإزاء ارتفاع متوسط ??درجات الحرارة العالمية المخيف إلى مستوى قدره 62.9 درجة فهرنهايت (17 درجة سليزيوس), يقول العلماء أن الكوكب شهد مؤخرا أعلى درجة حرارة سجلها شهر يونيو باجتياح موجات الحرارة القاتلة ولاية تكساس الأمريكية والمكسيك والهند, وقبالة سواحل القارة القطبية الجنوبية وانخفاض مستويات
الجليد البحري هذا العام إلى مستويات قياسية.
وفي منطقة شمال الأطلسي تجاوزت درجة حرارة المحيط أعلى الدرجات المسجلة خلال السنوات السابقة, فبعد أن كانت درجة حرارة سطح المحيط في شهر مايو تقدر ب 2.9 درجة فهرنهايت أو 1.6 درجة مئوية, أي أدفأ من المعتاد في هذا الوقت من العام, فإنها حطمت الأرقام القياسية السابقة بهامش كبير غير عادي.