نظم المجلس العلمي لولاية البيض يوما دراسيا حول الشيخ العلامة "محمد بن عبد الكريم" المدعو "بن شكر "، وذلك تحت إشراف مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية البيض،وبالتنسيق مع الجمعية الدينية لمسجد "محمد بن عبد الكريم" لبلدية المحرة، حيث تم تقديم عدة محاضرات حول سيرة العلامة ودوره في نشر العلم والمعرفة، واستحضار ما قدمه لخدمة الوطن وكل ما قام به للتعريف بعلماء المنطقة والولاية.
وحسب إمام المسجد، فإن الشيخ محمد بن عبد الكريم رحمه الله من قبيلة أولاد عبد الكريم، ولد سنة 1907 بأولاد عبد الكريم (بالمحرة)، عند بلوغه السادسة من عمره، أدخله والده بوعلام الكُتاب، أين حفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ اللغة العربية، ثم انتقل إلى مدينة تلمسان طلبا للعلم، وفي سنة 1933 التحق بجامعة "القرويين" وهي أقدم جامعة في العالم لإتمام دراسته اللغوية والدينية، وهناك تلقى العلم على يد الكبار، أتقن اللغة العربية والفرنسية واللغة الإسبانية، ليتخرج برتبة عالم، ليقوم بعدها بفتح مدرسة لأبناء منطقة البيض، ولأن الجزائريين حرموا من التعليم رفضت الإدارة الفرنسية منحه رخصة النشاط، فتشاجر العلامة مع الفرنسيين وقام بضرب الحاكم،فتدخل الجنود وألقوا عليه القبض،ليوضع في إحدى الزنزانات، وبعد أيام من الحادثة تم نقله إلى سجن معسكر وحُكم عليه هناك، بعدها تم نفيه إلى البليدة أين التقى ببعض الشخصيات، منهم المرحوم فرحات عباس والمرحوم يوسف بن خدة والأستاذ عبد الرزاق الاسطنبولي الذين اتفق معهم على استغلال الوقت في التحصيل العلمي والدراسي، وكان هو الذي يلقي عليهم الدروس اللغوية والدينية، وبعد 5 سنوات قضاها العلامة في سجن البليدة، التحق بمعهد الحياة بمدينة البليدة التابع لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين كمدرس، لكن السلطات الاستعمارية لم يرضها عمل العلامة المتمثل في نشر العلم ، فقامت بنفيه إلى تيارت عام 1948.
مكث العلامة بزاوية "سيدي بن عدة" فواصل مهمته العلمية بالتدريس ونشر الوعي، فانتقل إلى مسجد "سيدي بن عدة" الموجود حاليا بوسط مدينة تيارت ، وفي هذه الفترة عمل ضمن جبهة التحرير الوطني وكان مسؤولا سريا بها حتى جاء الاستقلال، بعدها عُرضت عليه مناصب عدة بوزارة الشؤون الدينية، وعلى المستوى المحلي بتيارت، لكنه رفضها وفضل أن يبقى إماما بمسجد سيدي عدة بوسط مدينة تيارت، وعند فتح المعهد التكنولوجي "ابن رشد" بتيارت التحق به كأستاذ لمادة التاريخ والأدب العربي عام 1967 ،توجه رحمه الله إلى البقاع المقدسة،ثم إلى مدينة القدس،كما توجه إلى الأماكن المقدسة بالعراق وقد زار تركيا خاصة مدينة اسطنبول، ونظرا لاشتغال العلامة بالعلم و المعرفة أجّل زواجه إلى ما بعد الاستقلال، ورزقه الله بنتين و ابنين، واصل العلامة التدريس بالمعهد وكان إماما، إلى غاية وفاته يوم 18 نوفمبر سنة 1978، دفن بمقبرة تيارت، رحل وترك بعض المخطوطات التي لم تر النور، منها "قبائل اكسال البيض" ، تاريخ منطقة تيارت، الصرف و التفسير، وعلم الاجتماع.
وتخليدا لهذه الشخصية أطلق اسمه على ثانوية بمدينة تيارت، إضافة إلى المسجد الذي يحمل اسمه ببلدية "المحرة" ولاية البيض.