يعتبر سوق "الأوراس" أو كما يعرف لدى عامة سكان مدينة وهران سوق "لاباستي" أحد أهم الأسواق الشعبية بالباهية وأعرقها، حيث أنه وبالرغم من التطور الكبير الذي تشهده العجلة التجارية وموقعه الاستراتيجي بقلب المدينة، إلا أن السوق يبقى محافظا على طابعه الخاص وروح الأسواق الشعبية التقليدية لأن الباعة به يرفضون التجديد و الزوال، لاسيما وأن هنالك حنين خاص وشغف كبير يربط سكان الباهية بـ"سوق لاباستي" العريق الذي مازال يقاوم بالرغم من جملة النقائص و تآكل طرقاته ومبانيه بفعل الزمن، إلا أن له مكانته الخاصة التي ينفرد بها في قلوب سكان وهران وزوارها من الولايات المجاورة وحتى المغتربين.
ويعود تاريخ هذا السوق الذي يقع بالقرب من البريد المركزي إلى الحقبة الاستعمارية، بعد أن شهد تطورا، فمن سوق مخصص لبيع الزهور في البداية إلى سوق كبير في الهواء الطلق، يقدم لسكان الولاية وزوارها مختلف أنواع المنتجات الغذائية من خضر و فواكه وأسماك وأواني وألبسة وحتى الخبز والكعك له مكان بسوق "لاباستي"، كل هذا في أجواء متميزة وفريدة فيها ما فيها من رائحة الماضي الجميل..
لقد استطاع هذا المكان التجاري حتى الآن الصمود أمام كل محاولات تحويله من طرف السلطات العمومية التي تحاول في كل مرة ترميم وإعادة تأهيل العمارات القديمة المتواجدة بالشارع، حيث يعود تاريخ إنشاء بعض منها إلى أكثر من قرن من الزمن، وخلال العديد من عمليات تصليح الأرصفة اعتاد التجار على هؤلاء "الدخلاء"، حيث يتمكنون دائما من تنظيم أنفسهم ومواصلة نشاطهم، فهنالك بعض التجار أو الباعة بالسوق الذين ورثوا العمل هناك من أبائهم وعائلاتهم لأن أخذ مكان بين الباعة في سوق الأوراس ليس بالأمر الهين أو السهل، لذلك هنالك علاقة خاصة و وطيدة تربط بين تجار السوق الذين يعرفون بعضهم البعض عزّ المعرفة.
لم يتوقف النشاط في سوق "لاباستي" أبدا ولو للحظة، ومهما كانت الأسباب، وتزداد الحركة التجارية أضعافا مضاعفة خلال شهر رمضان وباقي المناسبات، وذلك لأنه يعد سوقا مرجعيا بوهران، حيث تحدد فيه أسعار التجزئة لجميع المنتجات الفواكه الخضر اللحوم البيضاء والحمراء والأسماك، وعلاوة على موقعه الإستراتيجي، يتوفر سوق شارع "الأوراس" على العديد من المداخيل من ساحة البريد المركزي وعبر العديد من الأزقة المؤدية أيضا إلى شارعي "العربي بن مهيدي"،و"محمد خميستي" اللذان يعتبران الشارعين الرئيسيين لوسط المدينة، كما تعد الأزقة المحاذية والمؤدية للسوق امتدادا له من خلال المحلات التجارية التي تعرض شتى أنواع المنتجات كالملابس والأواني والآلات الكهرومنزلية.
إن الزائر لسوق "لاباستي" يشعر عند دخوله السوق بأهمية المكان، والذي يبدأ مدخله الرئيسي من أمام مبنى البريد المركزي أين تعرض طاولات تبيع الخبز والحلويات وكل أنواع المعجنات مثل المسمن والرقاق، و كذا طاولات بيع الفواكه بكل أنواعها، إلى جانب محلات أو أكشاك صغيرة مخصصة لبيع " الكارانتيكا"، و يقطع بين الجزء الأول من السوق والجزء الثاني طاولات بيع أشكال وأنواع من الأسماك، ليليه بعده القسم المخصص لبيع الخضر وبعض محلات بيع الأواني والمواد الغذائية، وعند نهاية هذا القسم تقابلك مخبزة تقليدية تبيع أنواعا مختلفة من الخبز كالمطلوع و خبز الدار و الكعك وغيرها، إلى جانب طاولات بيع المكسرات المملحة والتي يقابلها آخر قسم بالسوق وهو قسم بيع الملابس والأحذية و كذا الأواني والذي ينتهي أمام مقر القنصلية الإسبانية، لتجد عند آخر الشارع رجلا يرتدي نظارة يعانق آلة العود الخاصة به وهو يعزف مقاطع موسيقية ويؤدي وصلات غنائية بصوته الجميل تأخذك إلى زمن الراحل أحمد وهبي.
