[فمن نكث فإنما ينكث على نفسه.]
اليوم لنا وقفات مع النفس التي تنكث العهد ، قال الله تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} سورة الفتح الآية:10
الوقفة الأولى: نحذر بها أنفسنا فنقول : بادئ ذي بدأ يجب أن نهمس في أذن أنفسنا نخبرها بأن
هناك ثلاثة أخلاق سيئة، إن قامت بأحدها النفس فإنها حتما سترجع تبعاتها إلى نفس صاحبها وهي :
1-المكر، قال الله تعالى :{ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ }سورة فاطر الآية43
2-البغي ،قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُم ۖ}سورة يونس الآية23
3-النكث، قال الله تعالى:{فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ }سورة الفتح الآية 10
وفي الوقفة الثانية : نذكر أنفسنا بهذه النصيحة فنقول: إعلمي يا نفس، فإن كل عمل تعملينه لله وبالله وتقصدين به رضى الله ، فإن الله سيباركه، ويضع له القبول، ويكتب له التوفيق، وسيعينك عليه .
وكل عمل سيء لا تقصدين به وجه الله فإنه مردود عليك .
الوقفة الثالثة : في تبيان أهمية العهد فنقول :
إن الوفاء بالعهد هو أصل الصدق ودليل الاستقامة، وهو أدب حميد وخلق كريم، وبامتثال خلق الوفاء بالعهد يتنامى شعور الثقة بين الناس، وتتأكد روابط التعاون بين أفراد المجتمع، فتتكون قاعدةً متينة لحياة الفرد وبناء الجماعة، وبفقد الوفاء بالعهد يفقد الناس خلق الاستقامة فتختل الثقة ببعضهم البعض،
وتظهر بينهم العداوة والبغضاء ، فتضعف قوتهم، ويتشتت جمعهم .
ويصبح بأسهم بينهم شديدا، وقلوبهم شتى.
فمن وعد وجب عليه احترام وعده والوفاء به، لأنه أصل كرامة الإنسان في الدنيا، والطريق إلى سعادته في الآخرة.
والوقفة الرابعة مع الوفاء بالعهد وأنواعه:
فالوفاء بالعهد يعني الخلق العظـيم الـدال علـى التمـام والكمال في أداء الحق وعدم نقضه.
ومن أنواع الوفاء بالعهد:
الوفاء بالعقود: وهو ما اتفق عليه الناس، لأنهم يجب أم يكونوا عند شروطهم.
الوفاء بالوعد: وهو إتمام ما تواعدوا به يلتزم كل طرف بوعده من تلقاء نفسه، ولو كلف النفس ثمنًا باهظًا.
الوقفة الخامسة أهمية الوفاء بالوعد: الوفاء من أجمل الصفات الإنسانية، التي تسمو بالنفس البشرية لأعلى الفضائل والقيم السامية، والوفاء صدق في القول والفعل معًا،
فالوفاء بالوعد أساسٌ لقوام أمور الناس
لأن التعاون بين الناس لا يتم إلا بالتزام العهد والوفاء به، ولولاه لتنافرت القلوب، واضطربت معيشة البشر.
فالوفاء بالعهد هو من يظهر علو مقام النفس فيكرم صاحبها لوفائه ، لأن من لم يتصف بالإلتزام بالوعد والوفاء بالعهد، فقد خرج من المفهوم الصحيح للإنسانية، ناهيك عن دائرة التدين فهو أبعد ما يكون عن الإيمان .
ومهما يكن فلاخوف على دين الله، فدين الله عزيز ومنصور، وإنما الخاسر من خسر نفسه، بأن أخلف وعده وخان عهده فتولى ونكص على عقبيه : { فمن نكث فإنما ينكث على نفسه}، ومن خان عهد الله فإنما خان نفسه ، فنسأل الله الثبات على الحق غير مبدلين ولامغيرين ولا فاتنين ولا مفتونين آمين.