أكد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، بوعبد الله غلام الله، اليوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة، أن الثقافة الإسلامية تقوم أساسا على "الحوار ومخاطبة العقول والضمائر" وتعمل على "ترسيخ ثقافة التعايش والتسامح بين الأديان والثقافات".
و أوضح غلام الله لدى نزوله ضيفا على العدد الثاني من "منتدى الفكر الثقافي الإسلامي" بقصر الثقافة "مفدي زكريا", أن "الثقافة الاسلامية تقوم أساسا على الحوار ومخاطبة العقول والضمائر وتعمل على ترسيخ ثقافة التعايش والتسامح بين الأديان والثقافات (...) ودأب المسلمون على مدى قرون من انتشار حضارتهم وازدهار ثقافتهم على ممارسة ثقافة الحوار".
و أبرز رئيس المجلس الإسلامي الأعلى, في مداخلته الموسومة "التعايش والقيم الإنسانية: رؤية معرفية في المنظومة الثقافية الإسلامية اليوم", أن "القرآن الكريم يضع المتحاورين ابتداء على نفس المسافة من الموضوع, فهو لا يحاور من الاستعلاء وإنما هي محاورة الند للند, الذي يبحث عن الحقيقة وليس الذي يريد فرض حقيقته".
و أشار السيد غلام الله أنه " في عصرنا الحاضر, أصبح الحوار ضرورة قصوى للتعاطي مع الأزمات الطارئة وانتشار وسائل الإعلام والتواصل وتدفق المعلومات و تداخل الحضارات وتمازج الثقافات وما نجم عن ذلك من مظاهر القلق ومن تفاقم الجرائم الإرهابية والجريمة المنظمة وانتشار العدوان وغياب الأمن وبخاصة بعد ظهور فكرة صدام الحضارات التي استنفرت جميع الذين يتفاءلون بمستقبل زاهر للإنسانية قائم على منتجات العلوم".
و أبرز السيد غلام الله أنه "أخذت ردود الفعل لدى المسلمين تجاه كل أشكال العدوان على ديارهم والضغوط الاقتصادية على شعوبهم والافتراء على دينهم مظاهر شتى, منها انبثاق الحركات الأصولية والعنف ضد الأنظمة الوطنية المنقادة أو الملاينة للهيمنة الغربية لا سيما بعد أن أصبحت هذه الهيمنة تجسدها القطبية العالمية", مشيرا إلى أن هكذا ردود فعل كانت واضحة في الموقف الأصولي الذي انتهى إلى إنشاء "قاعدة" لزعزعة الأمن في العالم بنشر خلايا الارهاب وتدمير المنشآت واغتيال الأبرياء داخل المجتمعات الغربية أو الإسلامية على حد سواء و ذلك كله باسم الاسلام.
و من جهة أخرى, أوعز ذات المسؤول أن "هذا التدهور ناجم عن فشل الحلول التي اقترحها الإصلاحيون لأنها حلول غير موضوعية تهدف إلى ترسيخ القديم بالرجوع إليه بدل تجاوزه للأخذ بما يفرزه تطور العلوم الاجتماعية والثقافة السياسية", مستشهدا بمقولة الدكتور محفوظ سماتي: "إن المجتمع الحديث أسس في غيابنا وأنتج مفاهيم فرضت علينا فلم تستوعبها ثقافتنا ولم يتمثلها فكرنا ورغم هذا نمارسها دون اقتناع ودون فهم حقيقي لوظيفتها منها مصطلحات حديثة مثل +المواطنة+".
و بعد أن أشار السيد غلام الله إلى أن الفكر الإسلامي مازال يحتفظ بفكرة "الحق والواجب", إعتبر أن "عدم مراعاة تطبيقات هذا المبدأ الثابت القويم قد تسبب في إحداث خلل في انسجام المجتمع وتماسكه، مما يعد أكبر سبب في ظهور الفساد في المجتمع".