الدكتور عيسى رأس الماء : " السينما سلاح فني فعال لمحاربة الإستعمار وتنوير الرأي العام الدولي

الدكتور  عيسى رأس الماء  : " السينما سلاح فني فعال لمحاربة الإستعمار وتنوير الرأي العام الدولي
ثقافة
صرح الدكتور عيسى رأس الماء رئيس مختبر فهرس الأفلام الثورية في السينما بكلية الآداب والفنون بجامعة وهران أحمد بن بلة 01 أن السينما ولدت في الجزائر من رحم ثورة التحرير المجيدة، كدعاية مضادة للسينما الكولونيالية، التي كانت تسعى لتغليط الرأي العام، وتبرير الزحف الغاشم على الجزائر، والتي كذبا سوّقت لفكرة الانتداب لشرعنة استيطانها وتوسيع دوائر مصالحها، بمباركة ودعم من حلفائها التقليديين. ولأن السينما وسيط فني فعال ومؤثر إيجابي في مسار الأحداث الوطنية والدولية للشعوب والأمم، وناقل تقني للصورة والصوت، وسلاح فني أيضا بامتياز، ونظرا للضرورة الحتمية لمساندة الثورة التحريرية، وضرورة إيصال صداها إلى أصقاع العالم، تبنى مؤتمر الصومام المنعقد بتاريخ 20 أوت 1956 ببجاية في مخرجاته فكرة استحداث خلية سينمائية كرديف للثورة المسلحة، للردّ عما تسوقه السينما الكولونيالية من أكاذيب وادعاءات مغرضة، تشين مقدسات الثورة المجيدة، يكون دورها توثيقيا ودعائيا في الوقت نفسه. وبناء على ذلك تم تأسيس المدرسة السينمائية بجبال الأوراس بالمنطقة الأولى، تحت القيادة العامة للجناح المسلح لجبهة التحرير الوطني، وبإشراف فني وتقني لليساري الفرنسي صديق الثورة "رونيه فوتيه" الذي التحق بالمنطقة الأولى مع مجموعة من المتعاطفين، أمثال "بيار كليمون" و"سيسيل ديكوجيس" و"بيار شوليه" سنة 1956، ومهمة المدرسة التكوين وإنتاج الأفلام الوثائقية والتسجيلية منها، وتسليم النسخ الفيلمية بعد ذلك للجناح الدبلوماسي للجبهة، قصد إرسال المادة الخام للدول الصديقة للثورة التحريرية، كيوغسلافيا وألمانيا الاتحادية، لتحميض الأفلام والتوزيع عبر العالم، من أجل إسماع الرأي العام الدولي الحقيقة المطلقة التي تتستر عنها فرنسا العدو الغاشم،وكان أول فيلم وثائقي قصير من إخراج سيسيل ديكوجيس عام 1956 بعنوان "اللاجئون"، تم تصوير أحداثه في مسرح عمليات الترحيل القصري وتشريد الأهالي وتشتيت التجمعات السكانية قرب الحدود التونسية مدته 14 دقيقة،كما أخرج " رونيه فوتييه" فيلما وثائقيا بعنوان "الجزائر" تلتهب سنة 1957، مدته 23 دقيقة، صُوّرت أحداثه على المباشر من ساحات المعارك الطاحنة بين جيش التحرير والقوات الاستعمارية الفرنسية، ليشاهد العالم مدى بسالة الثورة برغم قلة العتاد، وقوتها المستمدة من عقيدة الإيمان الراسخ بأن أرض الجزائر للجزائريين، ولا يمكن أن تكون غير ذلك. وفي ذات السياق فقد أضاف متحدثنا أن المخرج "بيار كليمون" أخرج فيلما وثائقيا سنة 1958، بعنوان "ساقية سيدي يوسف"،يوثق فيه اللحظات العصيبة التي عاشها سكان قرية صغيرة تونسية على الحدود الجزائرية، من خلال القصف العشوائي الذي خلف مجزرة رهيبة جل الضحايا من النساء والأطفال، تم إنجازه بطلب من صديق الثورة "فرانز فانون" خدمة لسينما جبهة التحرير الوطني، قام جمال شندرلي وبيار شوليه ولخضر حمينا ورونيه فوتييه بإخراج فيلم "جزائرنا " في عام 1961،أظهروا من خلاله أن النصر يلوح في الأفق ولابد لليل الاستعمار الغاشم أن ينجلي من على سماء جزائر الشهداء. ونستطيع القول أن المدرسة السينمائية لجبهة التحرير الوطني، استطاعت كرديف للثورة المسلحة المجيدة، أن تساهم في مسار النضال السياسي بالصورة والصوت، لتنوير الرأي العام الدولي بالقضية الوطنية العادلة، من خلال التوثيق الفيلمي للمعارك والأحداث الواقعية التي كانت تشهدها ساحات المعارك في مختلف المناطق الثورية، وساحات سياسة الأرض المحروقة التي كان ينتهجها جيش الاحتلال الغاشم، وقد سارت جنبا إلى جنب مع مساعي النضال الدبلوماسي المحنك لجبهة التحرير الوطني،وتضافرت الجهود الصادقة من أجل إدخال صوت القضية الوطنية إلى المحافل السياسية الدولية الكبرى، فوجدت فرنسا نفسها أمام الأمر الواقع، بعدما اكتشف العالم أكاذيبها وادّعاءاتها الباطلة المضللة في عدوانها الغاشم على الجزائر،مما أجبرها على الانصياع لمقترحات الجبهة من أجل إنهاء العدوان السافر على الشعب والأرض المقدسة

يرجى كتابة : تعليقك