من فاجعة حي "ميرامار" إلى مأساة الشاحنة .. عمال في عمر الزهور يدفعون ضريبة الإهمال من أرواحهم

من فاجعة حي "ميرامار" إلى مأساة الشاحنة ..  عمال في عمر الزهور يدفعون ضريبة الإهمال من أرواحهم
وهران
من أصعب الكوارث المأساوية ، وحوادث العمل الموسمية التي تستهدف أكثر من ضحية في مكان واحد و تلقى على أثرها يد عاملة بسيطة حتفها في عمر الزهور و في مكان واحد ، جمعها القدر وفرضت عليها الظروف الصعبة أن تنتقي نشاطا أنيا يضمن لها قوت يومها وان كان ذلك يعرضها لأضرار متفاوتة تصل إلى حد العاهة المستديمة والموت . ومن أخطر الإصابات أن تتوسع دائرة الخسائر البشرية لتصيب حصيلة ثقيلة لا ترحم الصغير والكبير والسليم والمريض ولا تقدم أو تطرح استثناءات عن قاعدتها ولا يسلم أي فردا من قائمتها السوداء التي لا ترحم كل من تجاوز حدود الأمان وتجاهل شروط الحماية وأقحم كرها في سبيل تحقيق مصدر رزق وإعالة عائلة بأكملها بورشات مفتوحة تبتلع كل من يحتك بها بتحايل من المستخدم . اليوم ونحن نفتح ملف حوادث العمل المميتة منها والخطيرة ونتطرق بالتفصيل إلى ما يسجله القطاع وما يشهده من اختلالات ، نقف أمام هول الفاجعة وما خلفته من ندوب بليغة لا تعالجها السنون ولا تمحوها الأحداث المتوالية بعدما حصدت في اقل من 24 ساعة 7 ضحايا أصغرهم 16 سنا وأكبرهم لا يتجاوز عمره 24سنة .لا تزال الساحة المحلية تتجرع مرارة الصدمة ولا تزال العائلات تتجرع ألم فقدان سبع شباب ربطتهم علاقة الصداقة وجمعتهم صلة حسن الجوار لسنوات طويلة إلى أن اشتركوا في قاسم الرحيل إلى الأبد وفي حادث احتراق شاحنة بين بلديتي وادي تليلات والبرية . صدمة عنيفة هزت حي البركي بأكمله في صباح يوم الاثنين 13 نوفمبر الجاري وبحيثيات جريمة شنعاء على خلفية احتراق 9 ركاب شباب اختاروا بل اختارهم القدر أن تكون نهايتهم مأساوية وهم في طريقهم إلى العمل وتسلب الكارثة دون سابق إنذار حركة الحي ويوميات شباب يتقاسمون انشغالات أبناء البركي البسيطة التي لا تخرج عن طموحات بسيطة لا تتعدى عتبة بناء مستقبل وإعالة عائلة بحاجة لدعم مادي بخفف عنها غبن الحياة . وان كنا قد تطرقنا إلى الحادثة بشكل مفصل منذ وقوع الحادث و تحويل الموتى إلى مصلحة حفظ الجثث بمستشفى إيسطو و الجرحى إلى مستشفى الحروق نقف اليوم عند منعرج تعريض حياة العامل للخطر في غياب كل شروط الحماية الاجتماعية التي تفرضها الدولة على المستخدم وفي انعدام الوقاية القانونية التي تحصن العامل وتجعله في منأى عن الضرر أثناء العمل وأثناء تقديم خدمة مقابل أجر يومي يضمنه صاحب العمل له .فلأول مرة تشهد وهران حادث مماثل وبحصيلة مماثلة نالت ألسنة النيران من أجسادهم وحولتهم جثثا هامدة في لحظة إهمال ولا مسؤولية المتورطين في القضية وأمام محطة لا تعترف بقوانين التغطية الاجتماعية وشروط العمل الصحيحة وتستغل لا وعي العامل وجهله للنصوص التنظيمية وتجاهل في المقابل صاحب العمل جسور الوقاية التي تؤمن تلك المسالك الوعرة .وقبلها بسنة وبالضبط في 8 جانفي من سنة 2022 سقط 4 عمال جثثا هامدة بورشة بناء بشارع "ميرامار" بوسط مدينة وهران بعد انهيار مصعد ميكانيكي على رؤوسهم حولهم إلى ضحايا في عداد الموتى متأثرين بجروحهم البليغة في نفس التاريخ من شدة الصدمة وفشل كل محاولات الإغاثة والإسعاف .وان تباينت الأرقام واختلف المكان و الزمان وتضاربت الأحداث بين أشد وأخف ، تبقى شدة الصدمة تضرب بعائلاتهم وتوسع من فجوة الضرر الجسماني والمعنوي ،وتقلب موازينها وتكبد هذه الفئة خسارة فادحة لا تقدر نسبتها في غفلة من أمرها مقابل أجر زهيد ثمنه حياتهم .

يرجى كتابة : تعليقك