المخرج زينو بن حمو من وهران : " إشكالية الترويج و الإشهار من أبرز المعوقات التي تواجه المسرح "

ثقافة
كشف الفنان المسرحي الشاب زينو بن حمو من ولاية وهران أن المتأمل في قاعات المسرح الجزائرية الآن والدارس لتاريخه يجد الفرق الجلي والواضح في ارتياد المتلقي لها، فقد كان المسرح الجزائري في المدن الكبرى خصوصا يستقطب العديد من العائلات والأسر وكذا الشباب إلى قاعاته الباروكية المرصعة بالزينة الأوروبية والحاملة لفكرها شكلا ومضمونا، لكن اليوم فقد تكفلت بعض التجارب الآنية في المسرح الجزائري بمهمة إبعاد الجمهور المتلقي عن المسارح لابتعاد بعضها الصارخ عن الواقع الفعلي المعيش في المجتمع الجزائري ومحاولة محاكاة مواضيع دخيلة عن مجتمعنا وهويته، وهو ما جعل الجمهور يعزف عن مسرح لا يمثله يحمل في عنونته بعض الدوغماء والغموض، وهو من أهم أسباب العزوف، في ظل تراكم المادة الفنية البصرية في اختياراته، بيد أن التجارب المسرحية الجزائرية المخبرية في التاريخ اهتمت بأنتروبولوجيته وميثولوجيته وإرهاصاته ومشكلاته. ويضيف الفنان زينو بن حمو قائلا إن الفنان عميد الخشبة الراحل كاكي ولد عبد الرحمان قد اهتم في البداية بكل أشكال الاحتفالات الشعبية الجزائرية كـ" الوعدة"، واستثمرها في صناعة مسرح جزائري خالص، أبرزها مسرحية "القراب والصالحين"، ليواصل بعده شهيد الخشبة الراحل " عبد القادر علولة" التجربة، فحاول في مخبره استبدال "المداح" و"القوال"، بالراوي البريختي، وجعل من شخصيات المسرحيات عمالا جزائريين عاديين، كما جرى في مسرحية " لجواد" على سبيل المثال لا الحصر، فـ"الفهايمي جلول" و"سكينة وعلال الزبال"، كلهم عمال يحاولون الوصول للمثالية فيصطدمون بالواقع الذي يحكمهم، لكن عبد القادر علولة لم يقف على الشكل المسرحي فقط، بل ذهب لوعظ الناس وتعليمهم على الطريقة البريختية، أين حملت مسرحياته رسالة العامل وإرهاصاته واحتياجاته ومكنوناته التي يريد الإقرار بها ولا يستطيع. نفس الأفكار الإيديولوجية في عمومها تبناها مخبر "مسرح القلعة"، باختلاف جمالي شكلي وهيكلي وتغير الخطاب المستعمل من القول والسرد عند الحلقويين إلى السرد السيميائي المليء بالسخرية من واقع المجتمع والسياسة في قالب كوميدي أسود عند القلعويين، لكن هذه المخابر والمسارح المذكورة مثالا لا تعميما عانت من 3 نقاط أساسية بعد وفاة أصحابها ومحاولة تبنيها من قبل الجيل الذي خلفهم، فكان التقليد الأعمى لمخرجات المخبر ،إضافة إلى التقديس الكلي لرواد هذه المخابر التي عانت من عدم محاولة هؤلاء تطويرها وإكمال البحوث والنتائج التي أتت بها، خاصة وأن المسرح بإمكانه أن يتطور في مخابر تجريبية جديدة، تكون مرتبطة بحداثة العصر وعولمته وتصل لما يريده المتلقي، من صانع العرض خصوصا وأن التجارب المسرحية الجزائرية القبلية، كانت كثير الاهتمام بالمنهج البريختي الذي طغى على كل العروض، كما أن محاكاة مناهج أخرى وتبنيها أو موالفتها أمر حتمي، بل ضروري في زمن العولمة فأفكار" ستان ومايرهولد"، و"غروتوفسكي و"بروك و ارتو" لا تقل أهمية عن أفكار "بريخت".وإضافة إلى هذا، أوضح الفنان زينو بن حمو ضف أن التقنيات المسرحية المعاصرة التي صنعت ثورة بصرية في عالم المسرح على غرار"الهولوغرام"، و"المابينغ" التي أسالت كثيرا من الحبر، الأمر الذي ساعد على إعادة الجمهور للقاعات وبشكل كبير، حيث لقيت بعض المسرحيات إقبالا جماهيريا خرافيا فهنالك من لم يجد مكان له بالقاعات التي امتلأت عن آخرها، على غرار مسرحية "جي بي اس" لمحمد شرشال و"خاطيني" لأحمد رزاق، وهذه اللوحات الفنية التي يطلبها الجمهور تتطلب أظرفة إنتاجية ضخمة، مقارنة بالمبالغ المسخرة حاليا، ويعد هذا المشكل كأبرز عائق في صناعة الفن المسرحي في ظل غياب اهتمام المنتجين الخواص بصناعة أعمال ترقى للمستويات العالمية، والقادرة على استقطاب الجمهور الجزائري. كما تعتبر إشكالية الإشهار والترويج، من بين أهم وأبرز المشاكل التي يعاني منها المسرح الجزائري، فضعف الترويج والإبقاء على الطريقة الكلاسيكية للإشهار له دون تجديد الوسائل، ساهم كثيرا في قتل شغف الجمهور بأب الفنون، وحرم الكثير من المسرحيين من لذة الوقوف أمام جماهير حاشدة متعطشة لعروض مسرحية تحاكي واقع المتفرج، وتعرض ما لم يستطع المتفرج أن يبوح به ولا يزال المسرح الجزائري يروّج لنفسه بنفسه عن طريق الأفيشات والمطويات والحوارات الصحفية المكتوبة واللقاءات الإذاعية والتلفزيونية التي يدعى لها صاحب العمل بعد العرض العام لا قبله، ومن أبرز المشاكل التي تم تسجيلها أيضا حسب الفنان الشاب "زينو" غياب المرافقة الإعلامية للأعمال المسرحية وغياب النقد الصحفي، حيث أن بعض الصحفيين يكتبون انطباعاتهم كمتلقين، دون التطرق للمعالجة النقدية والبحثية والاستطلاعية والاستقصائية للعمل المسرحي.لكن تبقى كل هذه الآليات الترويجية والإشهارية التقليدية غير كافية بتاتا للعمل المسرحي، فالفئات المستهدفة التي تستهدفها الجريدة والشاشة الصغيرة والإذاعة فئات قليلة، أغلبها من الكهول والسائقين وربات المنزل، ضف إلى أن الملصقة والمطوية لا تستهوي غير الجماهير الوفية للمسرح التي تكون متواجدة في العرض حتى ولو انعدم وجود الأخيرتين ، لذلك وجب جعل هذه الوسائل المذكورة كلها آليات، الغرض منها هو أرشفة العمل وتأريخ تواجده حصرا والاهتمام بإشهارات التواصل الاجتماعي اهتماما كليا راح الحبيب كحلول .

يرجى كتابة : تعليقك