أثبتت المقاولاتية مدى نجاعتها في رفع معدلات التنمية الاقتصادية للدول المتقدمة إلى مستويات قياسية ، بل يمكن القول أنها أحدثت تحولا كبيرا في الاقتصاد العالمي ، وساهمت في تفعيل نشاطه بشكل لافت وغير مسبوق ، حيث تمكن هذا النموذج الجديد من النشاط الاقتصادي من توفير مناصب الشغل ، وتطوير واستحداث منتجات جديدة ، صنعت فارقا كبيرا في معادلة إقتصاد الدول الكبرى ، التي عززت قوتها في المشهد العالمي ، من خلال الابتكار والإبداع الذي جاءت به المقاولاتية أو ما يعرف أيضا بريادة الأعمال...وهو ما يعكس مدى اهتمام الدول المتطورة بعالم المقاولاتية ، بالنظر إلى القيمة المضافة التي منحتها لاقتصاداتها ، حيث شجعت على اعتماد هذا النوع من النشاط التجاري المتعدد المجالات والاستثمار فيه لتعزيز الانتاج ، بغض النظر عن طبيعته ، ورفع رأس المال ونسب التوظيف على حد سواء.
إذن، إن المقاولاتية هي فرصة اقتصادية لا تعوض بالنسبة لحاملي الأفكار والمشاريع ، وجب استغلالها وعدم تفويتها ، بل إنها مغامرة لابد من خوضها مهما كانت نتائجها ، باعتبار أن المقاولاتية في حد ذاتها هي مخاطرة من وجهة نظر العديد من خبراء الاقتصاد ، قد تؤدي إلى النجاح أو الفشل ، وعليه فإن المقاول في هذه الحالة عليه أن يكون مهيئا مسبقا لتحمل النتيجتين ، لأن الأهم في هذا وذاك هو المبادرة والإقدام على الخطوة وخوض التجربة...من خلال إنشاء المؤسسات ، بمختلف أحجامها وأبعادها ، طالما أنها تحمل أفكارا جديدة ، وفكرا متجددا ، ومنفتحا على الأنظمة الاقتصادية والأسواق العالمية.
لقد سارعت الجزائر إلى تبني فكر المقاولاتية ، من خلال دعمها وتشجيعها على ولوج هذا النوع من النشاط الذي يشهد انتشارا واسعا في العديد من دول العالم ، سعيا منها لإنعاش الاقتصاد الوطني ، وبعث ديناميكية التنمية بقوة ، لاسيما لدى الطلبة الجامعيين ، الذي لابد أن يتوجه نحو إقامة المشاريع وإنشاء المؤسسات وخوض غمار ريادة الأعمال ، عوض تضييع الوقت في البحث عن وظيفة ، في ظل الدعم والتسهيلات التي باتت توفرها الدولة للمقاولاتية ، بما فيها الاطار القانوني والدعم المالي ، من أجل استقطاب الشباب من حاملي الأفكار والمشاريع الاستثمارية ، وهو ما مكن الجزائر من احتلال المرتبة الأولى عالميا من حيث عدد الأنشطة المنظمة حول المقاولاتية خلال 2022 ، حسبما أفادت به "غلوبال أنتربرونور شيب نتورك"، وهو ما يؤكد أن الدولة متمسكة بهذا التوجه ، لمسايرة التحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي ، والاستجابة لمتطلبات السوق ، وحل العديد من المشاكل المطروحة في مختل القطاعات.