لاول مرة منبر اشغال الندوة العاشرة لمجلس السلم والامن الافريقيين وفي اول كلمة القاها وزير الخارجية فتح السيد أحمد عطاف ملف غزة وما يعيشه من اعتداءات بعدما اصبح القطاع مقبرةً للمبادئ القانونية الأساسية التي يقوم عليها النظام الدولي الحالي والتي كان يفترض أن تظل مرجعاً يحتكم إليه الجميع دون تمييز أو تفضيل أو إقصاء، فحرم المدنيون الفلسطينيون من حق الحماية الذي يكفله القانون الدولي للشعوب القابعة تحت الاحتلال، في وقت لم تجد فيه نداءات واستنجادات الأمين العام للأمم المتحدة آذاناً صاغية، و طلبات الاستغاثة الصادرة عن مختلف الوكالات الأممية المتخصصة أي رد أو صدى، بالمقابل يستفيد الاحتلال الاسرائيلي الاستيطاني من كافة التسهيلات لإبادة شعب بأكمله دون أدنى محاسبة أو مساءلة أو حتى تلميح بالمعاقبة.
ولم يتوان الوزير في وصف الوضع بالمنعطف مصيري الذي سيحدد دون محالة مستقبل المنظومة الدولية برمتها، بما تقوم عليه من قواعد وضوابط وآليات قنَّنها ورسخها ميثاق الأمم المتحدة.
وفي حديثه عن القارة السمراء اكد عطاف ان التحديات الأمنية اخذت أبعاداً خطيرة ومقلقة للغاية في الآونة الأخيرة في ظل احتدام التدخلات الخارجية وتصادم مصالحها التي خلفت تردياً غير مسبوق في حالة السلم والأمن القاريين.
وهي الان تمر بمرحلةٍ دقيقة، مرحلة مليئة بالتناقضات، ومرحلة تمتزج فيها الآمال والتحديات ، تلك التي يحييها التقدم المحرز في تجسيد مشروع الاندماج القاري، وبالخصوص في ظل تواصل الجهود الرامية لتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية التي تُعد بحد ذاتها أداةً مكتملة الأركان لتحقيق التنمية الاقتصادية والرفاه الاجتماعي في إفريقيا.
ورتب الوزير التحديات في تلك التي يفرضها علينا تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية على نطاق واسع وبشكل متسارع على الصعيد القاري، ولا سيما في منطقة الساحل الصحراوي. هذه المنطقة التي أضحت عنواناً بارزاً لغياب الأمن والاستقرار من شرقها إلى غربها، من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلسي، وسط استفحال آفتي الإرهاب والجريمة المنظمة وتفاقم بؤر التوترات والنزاعات والصراعات وتجدد ظاهرة التغييرات غير الدستورية للحكومات معيدةً إلى الأذهان حقبةً تاريخيةً كنا نحسب أنها ولَّت من دون رجعة وأنها انتهت من دون عودة
فجل هذه التطورات وكل هذه التحولات تفرض واقعاً جديداً يجب علينا التعامل معه بروح ملؤها المسؤولية والحزم والصرامة انطلاقاً من منظومة القيم والمبادئ والمثل التي قامت عليها ومن أجلها المنظمة القارية من أجل تأطير العمل الجماعي المشترك في إفريقيا ومن أجل ضبط علاقاتنا مع بقية دول العالم.
ومن هذا المنظور يضيف الوزير، ان الجزائر تحت قيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ترى أن استكمال مشروع التكامل والوحدة الافريقية يجب أن يقترن بخطوات عملية وفعلية تسمح لقارتنا بالتموقع كفاعل مؤثر في عملية إعادة بناء التوازنات على الصعيد العالمي وفي صياغة ملامح منظومة دولية جديدة يكون فيها لقارتنا صوت مسموع، وأمن مصان، ودور مضمون في عملية صنع القرار الدولي.
وفي سبيل ذلك، فإن إفريقيا لا تملك خياراً آخر غير رص صفها وتوحيد كلمتها لتجنب آثار التجاذبات والاستقطابات الراهنة والدفع بأهدافها الاستراتيجية المتمثلة في تصحيح الظلم التاريخي الذي تتعرض له في مجلس الأمن، وفي تفعيل حلول إفريقية للمشاكل التي تعاني منها دولنا وشعوبنا أمنياً وسياسياً واقتصادياً، وفي تحويل إفريقيا إلى قوة عالمية في ضوء "أجندة 2063".
في إطار مسار وهران اليوم و في طبعته العاشرة يسلط الضوء على أهم التحديات التي تواجه قارتنا في مجال السلم والأمن وبنهجٍ قويمٍ يتبنى التوجه نحو بلورة وتفعيل حلول إفريقية للمشاكل الافريقية، حلول تنطلق من الواقع الإفريقي، وحلول تقوم على مبدأ ملكية إفريقيا لراهنها ولمصيرها، وحلول تشجع إقامة شراكات متوازنة تحفظ مصالح وأولويات دول وشعوب افريقيا
