ودعت مدينة غليزان إحدى أعمدتها الشامخة، حين رحلت الحاجة حليمة معمر، التي نالت شرف العيش لعامها الـ105. وُلِدت في سنة 1918، وعاشت حياة مليئة بالتفاني والورع وكان زوجها الراحل بوكراع من كبار مريدي الزاوية العلاوية .
تميزت الراحلة بذاكرة قوية، حيث كانت تتذكر الأشخاص وتعرفهم بصوتهم، دون نسيان أي فرد من أفراد عائلتها الكبيرة. وكما يروي من تبقى من أبنائها وأحفادها، فإنها نادراً ما كانت تشكو من الأمراض.
كانت الحاجة حليمة تُعرف بورعها وتقواها، وكانت تحرص على الصوم كل اثنين وخميس، وثلاثة أشهر من السنة. عاشت حياة مليئة بالتقوى والورع، وكان لها تأثير كبير على المجتمع المحلي،و تركت الفقيدة وراءها سبعة أبناء، وشهدت وفاة ثلاثة منهم. عاصرت أجيالاً عديدة، وكانت تُذكر دائماً بالورع والتقوى ،حياتها الممتدة إلى 105 أعوام ليست مجرد فترة زمنية، بل هي قطعة من الزمن الذي شهدت فيه تغيرات عميقة وتطوّر المجتمع، وكل هذه السنوات لم تترك علامة على صحتها، فكانت حليمة تتمتع بصحة جيدة وذاكرة قوية، كانت تمثل رمزًا للأمومة والتضحية، وبفضل ورعها وتقواها، أثرت في توجيه الأجيال الصاعدة،
و عاش أحفادها تحت ظل ذكرياتها وحكاياتها الرائعة. كان لديهم شرف مشاركة حياتها اليومية واستماعهم إلى نصائحها الحكيمة، فكل كلمة كانت تترك أثرًا في قلوبهم، وأصبحت " بنت الصابري " مرجعًا حيًا للحكمة والتفاؤل،
رحلت حليمة معمر وسط حضور جمع غفير من سكان غليزان، الذين أبدوا حزنهم الشديد على فقدان هذه الشخصية البارزة، ولم تكن مراسم الجنازة مجرد وداع عابر، بل كانت فرصة لأهل المدينة ليقدموا احترامهم وتقديرهم لمسيرتها الرائعة، رحم الله الحاجة حليمة وأسكنها فسيح الجنان.