عُرف الجزائريون بحبهم الكبير لدولة فلسطين الحبيبة وللشعب الفلسطيني الشقيق الذي تربطنا به علاقة دم قبل أن تكون علاقة حب وأخوة وصداقة، وهي العلاقة التي حيّرت العالم بأسره وأثارت فضوله وعمقت أكثر الروابط الإنسانية والاجتماعية بين البلدين، ما أدى إلى ظهور ما يسمى بـ "جزائسطين"، وهي الكلمة التي تختزل حبنا الأبدي والعميق لدولة فلسطين، ومدى ارتباطنا بقضيتها العادلة وإيماننا القوي بحرية أرضها المعطرة بدماء الشهداء، فلا تنظم تظاهرة ثقافية أو رياضية في بلدنا، إلا وحمل الجزائريون العلم الفلسطيني عاليا، هاتفين بكل شموخ" فلسطين الشهداء .. فلسطين الحرية"، وغيرها من الشعارات التي تُردد بصوت واحد على إيقاع نبضات القلب الصادقة والمشاعر الإنسانية التي لا تزول ولا تختفي مهما توالت الأيام وتعاقبت السنون والعصور.
ولأن موقف الدولة الجزائرية واضح وثابت إزاء القضية الفلسطينية، فهي تحرص على أن تكون من السباقين لنصرتها ودعمها وإبداء تضامنها المطلق مع كل ما تعيشه من أحداث مأساوية، مُنددة بالجرائم الشنيعة التي ارتكبها ولا يزال يرتكبها العدو الصهيوني الغاشم في حق الأبرياء، ومؤخرا وعلى ضوء الوقائع الأليمة التي عاشها قطاع غزة ولا يزال يعيشها بقهر وألم كبيرين، فقد تم إيقاف ومنع الاحتفالات الثقافية والفنية، وتم تعليق النشاطات احتراما لحزن الأشقاء وإعرابا عن رفضنا لكل ما يتعرضون له من قتل وتعذيب وتنكيل، وأيضا من أجل مقاسمتهم ما يشعرون به من أسى ومعاناة، وبالموازاة تم تسطير برامج ثقافية خاصة فقط بالقضية الفلسطينية،حيث سارع الفنانون من مسرحيين وسينمائيين وموسيقيين ورسامين إلى إنتاج أعمال جديدة تجسد الوضع في غزة، وتعبر عن التأييد للإخوة الفلسطينيين في محنتهم الصعبة، حيث احتضنت المؤسسات الثقافية عبر جل الولايات من دور ثقافة ومسارح جهوية ودور شباب ومراكز ثقافية عروضا مسرحية خاصة بفلسطين، وأفلاما وثائقية وثورية تبرز العلاقة بين الثورة الجزائرية والكفاح الفلسطيني، وسط إقبال غير مسبوق من قبل المواطنين والعائلات الجزائرية التي تجاوبت مع النشاطات بالزغاريد والهتافات، في حين روّض الفنانون التشكيليون ريشتهم للتعبير عما يشعرون به اتجاه القضية، من خلال رسمهم للوحات تضامنية مؤثرة جدا تشاركها الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي على صفحاتهم الافتراضية، دون أن ننسى المبادرات القيمة التي قامت بها الجمعيات والمجموعات التطوعية التي خصصت عائدات نشاطاتها لفلسطين، وأيضا الأدباء والمثقفين الذين وقفوا وقفة الرجل الواحد، فكتبوا نصوصا سردية عميقة ونظموا قصائد شعرية فصيحة حول الشأن الفلسطيني، دون أن ننسى شعراء الملحون الذين ساندوا القضية بالكلمة القوية وباللهجة الشعبية الصادقة، ..وهكذا تبقى فلسطين خطا أحمر عند الجزائريين حكومة وشعبا، ويبقى حبها محفورا في قلوبهم وعقولهم دائما وأبدا .