في كل عام، يحتفل الجزائريون برأس السنة الأمازيغية، والتي تصادف الثاني عشر من يناير، وتعرف بالناير أو يناير، وهي مناسبة تاريخية وثقافية تعود إلى أكثر من 2974 عاماً، وترمز إلى بداية السنة الزراعية والتجديد والأمل، وفي ولاية غليزان، يحرص سكانها على الاحتفال بهذه المناسبة بطريقة خاصة، تعكس انتمائهم الثقافي والوطني وتمسكهم بتراثهم وعاداتهم القديمة،ومن أبرز العادات التي يقوم بها الغليزانيون في رأس السنة الأمازيغية هي اقتناء ما يعرف ب"المخلط"، وهو مجموعة من المكسرات والحلويات التي توزع على الأطفال والضيوف والجيران، ويقول عدد من السكان للجريدة: "نحن دائما نحتفل بهذا اليوم فهو بالنسبة لنا عادة الأجداد كما أنها مناسبة لإدخال البهجة والسرور على الأطفال إضافة إلى أنها تجمع شمل أفراد العائلة تحت سقف واحد، خاصة وأننا في عصر السرعة والتكنولوجيات الحديثة لم تعد الأسرة تجتمع في آن واحد إلا نادرا". ويضيفون أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية هو دلالة قوية على وحدة وتماسك الجزائريين ببعضهم البعض واعتزازهم بالثوابت الوطنية وهويتهم الثقافية،وبالإضافة إلى "المخلط"، يتفنن الغليزانيون في طهي الأطباق الشعبية التي تميز هذا الاحتفال، والتي تعكس تنوع وغنى المطبخ الجزائري، ومن بين هذه الأطباق، نجد الكسكسي، والثريد والدجاج، والشرشم، والمسمن، والحلويات التقليدية. وتقول إحدى السيدات: "هذه الأطباق لها معاني رمزية، فالكسكسي يرمز إلى الوفرة والخير، والثريد والدجاج يرمزان إلى الحياة والصحة، والشرشم يرمز إلى الحلاوة والسعادة، والمسمن يرمز إلى الانسجام والتآلف، والحلويات التقليدية ترمز إلى الحب والمودة". وتضيف: "نحن نحرص على تحضير هذه الأطباق بأنفسنا، ونستخدم المنتجات الطبيعية والمحلية، ونتبع الطرق القديمة في الطهي، لأننا نريد أن نحافظ على أصالتنا وننقلها لأبنائنا"، وفي هذا اليوم، يزين الغليزانيون منازلهم ويضعون الزهور والشموع والألوان الزاهية، ويستقبلون الضيوف والأصدقاء والأقارب، ويتبادلون التهاني والتبريكات، ويتمنون لبعضهم الخير والسلام والنجاح، ويقول أحد الشباب: "نحن نحب هذا اليوم، لأنه يجعلنا نشعر بالانتماء والهوية، ويذكرنا بتاريخنا وثقافتنا، ويقوي روحنا وعزيمتنا، ويجعلنا نتطلع إلى المستقبل بأمل وتفاؤل".
وهكذا، يحتفل سكان ولاية غليزان برأس السنة الأمازيغية، وهي مناسبة تجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل، وتعبر عن تنوع ووحدة الشعب الجزائري، وتحمل رسالة من السلام والحب والحياة للعالم أجمع .
