60 سنة على مجزرة الطحطاحة بوهران

شهود يستذكرون وحشية اعتداء منظمة الجيش السري الفرنسي

شهود يستذكرون وحشية اعتداء منظمة الجيش السري الفرنسي
ثقافة
أكدت أمس المجاهدة ماحي الشريف الأمينة الولائية للإتحاد الوطني للنساء الجزائريات بوهران خلال ندوة تاريخية حول الذكرى الـ 60 لمجازر الطحطاحة بالمدينة الجديدة بمقر الاتحاد، و بحضور مجاهدات و نساء الأسرة الثورية، أنّ سنتي 1961 و1962 هما الأكثر دموية في تاريخ مدينة وهران إبان العهد الاستعماري، ومجازر 28 فيفري 1962 ما هي إلا واحدة من أبرز المحطات المأسوية التي اقترفها الجيش الإستعماري الفرنسي. وتضيف السيدة ماحي أنها كانت شاهدة عيان على هذه المأساة وأن مجزرة الطحطاحة التي نفذت في شهر رمضان ، كانت وصمة عار في تاريخ المستعمر الفرنسي والمنظمة الإرهابية للجيش السري الفرنسي (OAS)التي استهدفت جزائريين عزل، وكانوا على مشارف الاستقلال حيث وضعت سيارة مفخخة عند المقام الحالي الرامز للمجزرة و بعد دقائق سمع دوي في عين المكان، و الانفجار كان قويا و سقط فيه العديد من الشهداء من سكان المدينة حيث تناثرت أجزاء من أشلاء الأبرياء الشهداء في المنازل المجاورة و كان عدد الجرحى بالمئات و المنظر بشع و شكل صدمة عند النساء اللواتي خرجنا من بيوتهن و بدأنا يجمعنا تلك الأشلاء للموتي الشهداء في مأزر من كتان . ونوهت السيدة ماحي بلحمة التضامن التي كانت بين الشعب الواحد ، مذكرة أنه سبق تنفيذ العملية وجود مروحية كانت تقوم بمعاينة المكان الذي كان يضم الكثير من الجزائريين العزل الذين جاؤوا ليتسوقون قبل ساعات من موعد الإفطار في شهر الغفران ،علما أنها كانت ممرضة في صفوف جيش التحرير الوطني و حاولت القيام بدورها في هذه المحنة التي مازالت مشاهدها عالقة في ذهنها إلى حد الآن حيث تعاون الجميع على أخذ الجرحى للمستشفى " تنبوكتو" بالمدينة الجديدة بحي سيدي بلال والذي كان يعج بعدد هائل من الجرحى و الموتي ، وساعد الأطباء الذين كانوا يعملون به في التكفل بالجرحى لأن المستشفى الأوروبي آنذاك (المركز الاستشفائي الجامعي بوهران بحي البلاطو حاليا )، لم يكن مفتوحا أمام الجزائريين و كان تخوف الجميع من قتل هؤلاء الجرحى من قبل الأجهزة الأمنية الفرنسية عوض تقديم لهم يد المساعدة . وقد سارعت كل من جبهة و جيش التحرير الوطني إلى إحضار مجموعة من الأطباء التابعين للمنظومة الصحية الذين كانوا متواجدين بالجبل و منهم الدكاترة بلاصكة ، بلبشير، بن اسماعيل، بنبية، و كانت - تضيف ماحي - شاهدة عيان على العديد من العمليات الجراحية التي قام بها الأطباء خاصة الدكتور بلاصكة التي أجرى عمليات معقدة و بوسائل محدودة في مخبأ صغير في حي المدينة الجديدة و الذي أنقض مثله مثل زملائه الأطباء الكثير من الأرواح وليتم تكليفها من قبل الدكتور بلاصكة للذهاب رفقة العديد من الجرحي والتي تم نقلهم إلى مدينة تلمسان بحكم أنها كانت ممرضة تابعة للفريق الطبي للجيش التحرير الوطني . استهداف الحي العتيق للمدينة الجديدة لكسر الثورة من جهتها أكدت الحاجة تواتية بن علي مكي عضوة المجلس الشعبي الولائي السابق و شاهد عيان على المجزرة حيث تقول: " كان الحي الشعبي العريق " المدينة الجديدة "، إبان الاستعمار ، يتميّز بالخصوصية الجزائرية، كونه ممنوعا على الأوربيين، مع أنه كان محاطا بالأحياء الأوروبية من كل الجهات بما فيها حي زبانة وسانطاطوان وسان ميشال، وهو ما جعل من عملية استهدافه سهلا. وربما تم اختيار التوقيت من الرابعة إلى الخامسة مساءً في موسم الصيف، وخلال شهر رمضان الكريم، وذلك بالقرب من متجر بيع الزلابية لصاحبه المدعو "بولحية"، المعروف وقتها محليا ووطنيا بجودة سلعته وارتفاع زبائنه، وذلك حتى تكون الجريمة وصداها بمعدلات كبيرة، تخلق الرعب وسط الجزائريين ، واستهداف الحي العتيق للمدينة الجديدة كان مخطط له من أجل كسر الثورة لكن هذا لم يزد الثورة الجزائرية إلا اصرار على نيل حيرتها و استقلالها . وأشارت حليمة بن عمارة عضوة بالمكتب الولائي للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات إلى التواطؤ الكبير الذي كان في تلك الفترة بين منظمة الجيش السري (OAS) وفئة من الجيش النظامي الفرنسي في خضم التفاوض مع جبهة التحرير الوطني، وكيف تمكّن هؤلاء الأوروبيين من زرع القتل، بمدينة وهران. وبشأن هذه الأحداث المريرة التي شهدتها وهران عام 1962، أوضحت المجاهدة يخو صليحة أن منظمة الجيش السري (OAS) التي عاثت فسادا وخرابا في الجزائر، وخاصة وهران، ما هي إلا تسمية جديدة لتنظيم كان موجودا من قبل بداية الثورة التحريرية، إضافة إلى الجيش الفرنسي والقوات الإستعمارية، في إشارة منها إلى مليشيات المعمرين المسلحة التي كانت تستهدف الجزائريين ،مستدلة على ذلك بالعمل الجبان الذي قامت به هذه المنظمة، قبيل 28 فيفري 1962، بالتواطؤ مع الدرك الفرنسي التابع للجيش الفرنسي، بتزويد أفرادها التشكيل الإرهابي بألبستهم الخاصة للدخول إلى سجن وهران وإخراج أربعة من المجاهدين، وهم الشهيد الفدائي " قراب الهواري" و" فريح أحمد" من وهران، وكذا " حمداني عدة" من تيارت والشهيد " عواد بن جبار" من سعيدة، ليقوموا بتحويلهم إلى غابة كناستيل وتعذيبهم قبل سكب البنزين على أجسادهم وإضرام النار فيهم. أما المجاهدة يمينة روميك التي انظمت للجيش التحرير الوطني في معسكر منذ 1956 تقول أنها لم تكون شاهد عيان لهذه المجزرة، لكن احتكاكها بالأسرة الثورية أدركت بشاعتها مثلها مثل المجازر التي قام به المستعمر في كل مناطق الوطن من أجل إبادة شعبه إن يوم 28 فبراير 1962 سيبقى يوما مأساويا في تاريخ مدينة وهران إذ شهدت المدينة إحدى أبشع مجازر الاستعمار الفرنسي في الجزائر والتي لم تمحى من ذاكرة الجزائريين لبشاعتها والتي اقترفتها منظمة الجيش السري الإرهابية ( OAS ) الفرنسية في الجزائر، إذ تضاف هذه الأعمال الإرهابية إلى سجل الجرائم المنظمة التي مارستها فرنسا الاستعمارية في حق الجزائريين، حيث اقترفت منظمة الجيش السري جرائمها وفق تقنيات مدروسة تركزت على القتل الجماعي والعشوائي فبالإضافة إلى الفئات التي كانت تصفيها كان ينصب اهتمامها على العسكريين الفرنسيين الذين لم ينضموا إليها و آمنوا بضرورة تقرير الجزائريين لمصيرهم.. وقد ارتكب هذا الاعتداء قبيل ساعات من الإفطار في اليوم الـ 23 من شهر رمضان حيث كان ساحة "الطحطاحة" مكتظة بالسكان لاقتناء مستلزماتهم. النصب التذكاري بـ " الطحطاحة " يبقى شاهد على بشاعة الجريمة يتذكر سكان "المدينة الجديدة" والأحياء المجاورة الذين كانوا شهود عيان لهذا الفعل الإجرامي وحشية الاعتداء حيث تناثرت الجثث المتفحمة في كل مكان بعضها التصق في الجدران كما تضيف السيدة ماحي الشريفة . وقد كان تخطيط المنظمة الإرهابية جهنميا من أجل سقوط أكبر عدد من الضحايا‮ حيث أوقف عناصرها السيارة المفخخة حوالي الساعة الرابعة بعد الزوال حوالي ساعتين قبل الإفطار قرب محل العم‮ بولحية أحد المحلات‮ الشهيرة لبيع‮ "‬الزلابية‮" بوهران والذي‮ اعتاد عشرات الصائمين الإقبال عليه‮ يوميا فحولت فرحة استقبال الإفطار إلى مأساة ‮. أسفر التفجير الإجرامي عن سقوط العديد من الضحايا المدنيين من مختلف الأعمار حيث بلغ عدد شهداء المجزرة 81 شهيدا وأكثر من 105 جريحا . وبهذه الجريمة الشنيعة تكون منظمة الجيش السري قد ارتكبت أحد أبشع اعتداءاتها بمدينة وهران وتعتبر كآخر فعل ميؤوس منه لـ "متطرفين" في محاولتهم لوقف مسار تاريخي لا رجعة فيه أسفر في الأخير عن استرجاع السيادة الوطنية يوم 5 جويلية 1962 بعد تضحيات جسام للشعب الجزائري. وقد سبق هذا التفجير عدة اعتداءات إرهابية نفذها طيلة أشهر مجرمو منظمة‮ الجيش السري‮ بتطبيقهم لسياسة الأرض المحروقة مخلفة القتل والدمار لتزداد تلك الممارسات‮ بشاعة مع اقتراب موعد التوقيع على اتفاقيات أيفيان والإعلان عن وقف إطلاق‮ النار‮.‬ ويظل النصب التذكاري‮ الذي‮ يتوسط ساحة‮ "‬الطحطاحة‮" حاليا شاهدا على هذه الجريمة‮ التي‮ إرتكبتها منظمة الجيش السري الفرنسي‮ .

1 تعليقات

  1. بشير بويجرة مختار 18 جويليه 2024 - 11:24:33

    السلام عليكم في الموضوع واحد من المجهدات التي كانت حاضرة يوم المجزرة على ذكر اسماء الفدائيين و قادة الفداء للوهران التي تصدت للاعمال العنف التي باشرتها المنظمة المجرمة السرية المسلحة امثال قائد المجموعة الفدائية بوهران السي عبد الباقي و السي عبد الحميد

يرجى كتابة : تعليقك