الجزائر- تتزايد المخاوف إزاء مصير من تبقى من سكان في قطاع غزة الذين يواجهون الموت تحت قصف الإحتلال الصهيوني وبسبب الجوع، بعد أن فشل العالم ومن يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في "إنتشاله" منه، إنطلاقا من معارضة طلب وقف إطلاق النار والتخاذل في إيصال المساعدات الإنسانية اللازمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
لقد قابل من يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان صرخات أطفال غزة تحت نيران آلة الحرب الصهيونية و آلام الجوع, بصمت رهيب سيظل وصمة عار في جبين الإنسانية جمعاء. وبالمقابل, يواصل الاحتلال الصهيوني جرائمه في غزة دون حساب ولا عقاب, في انتهاك صارخ وفاضح للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في ظل غياب موقف دولي يوقف هذه الحرب والمجزرة الإنسانية.
فالعالم يشهد في الوقت الراهن على مستوى الهمجية والجرائم التي ولدتها الاعتراضات المتكررة على وقف اطلاق النار بغزة وفشل مجلس الامن في المطالبة به. كما يقف على نتائج تجاهله للدعوات المطالبة بإنقاذ الشعب الفلسطيني وعدم تطبيقه للشرعية الدولية عندما يتعلق الامر بالكيان الصهيوني الغاصب.
كيف يمكن للعالم بعد غزة, أن يتحدث عن الشرعية الدولية وحقوق الانسان. وكيف يمكن له ارجاع الحق الكامل للمظلومين في القطاع, ليبقى الضمير الانساني يتساءل بأي عقل "تمكن العالم من متابعة كل يوم وكل لحظة كل هذا الكم من الآلام وصور الموت والدمار والخراب لأزيد من خمسة أشهر ويبقى دون تحرك".
فأطفال غزة يستغيثون تحت القصف ونساءه الحوامل تتضورن ألما لاعطاء الحياة, في مشاهد تعكس أبشع ما يمكن أن يتعرض له الانسان على وجه الارض من عدوان وجرائم في زمن نظامه لا يزال يكيل بمكيالين وفي زمن حيث حقوق الانسان ليست نفسها هناك, كما هو الحال في غزة وباقي الاراضي الفلسطينية المحتلة.
و بدلا من حشد المواقف الدولية لوقف حرب الإبادة الصهيونية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي, يظل "التشرذم" سيد الموقف ويظل معه الاستفهام قائما عن جدوى المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الانسان.
ان حق الانسان في العيش الكريم شعار توقف معناه عند أطفال غزة وعند ألامهم.
فمن لم يمت جوعا يكون عرضة للمرض والجفاف وسوء التغذية في ظل الشح الشديد للمساعدات الانسانية التي تصل القطاع. فالاحتلال يستخدم التجويع كأداة حرب ضد الفلسطينيين, عبر منع المساعدات من الوصول الى المتضررين ومنع سكان غزة من مزاولة أي نشاط تجاري أو زراعي, في ظل المساعدات الضعيفة التي تصل القطاع والتي يستهدف الاحتلال عمليات توزيعها في مجازر شنيعة.
و أكدت الكثير من التقارير أن الامر سيزداد صعوبة على سكان قطاع غزة مع اقتراب شهر رمضان, مما يتطلب حشد الجهود من أجل التوصل الى وقف عاجل لإطلاق النار.
فجراء الحرب وقيود الاحتلال, بات سكان قطاع غزة لا سيما في محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة أودت بحياة أطفال, في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود, مع نزوح نحو مليونين من سكان القطاع الذي تحاصره قوات الاحتلال منذ 17 عاما.
و حذرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع من "مجاعة واسعة النطاق لا مفر منها تقريبا", تهدد 2.2 مليون شخص يشكلون الغالبية العظمى من سكان القطاع, لا سيما في شماله.
و سبق للمنظمات الدولية أن حذرت من أن المساعدات التي تدخل القطاع "شحيحة جدا" ولا تكفي حاجات السكان. كما لم تتمكن أي قافلة من الوصول إلى شمال قطاع غزة منذ 23 يناير, بحسب الأمم المتحدة التي تندد بالعرقلة التي يفرضها الاحتلال الصهيوني.
و يصر الاحتلال على استخدام جريمة التجويع لتعميق المأساة الإنسانية في القطاع وحرمان شعبه من الحصول على أية مساعدات غذائية, في انتهاك صارخ و فاضح لكافة القوانين الانسانية والإرادة الدولية وقرارات مجلس الأمن ولمقررات محكمة العدل الدولية التي طالبته بوقف حرب الإبادة بكافة أشكالها, وهو مستوى غير مسبوق في الإجرام والوحشية لم يشهده التاريخ.
المجتمع الدولي مطالب بالخروج من إطار التنديد والإدانة والقلق
ان الاوضاع بقطاع غزة الذي أضحى ساحة للأشلاء والمفقودين واليتامي والارامل والمعاقين والجرحى, ناهيك عن أزيد من 30 ألف شهيد بما يعكس مأساة انسانية من الدرجة الاولى, تفرض على الاطراف الدولية الرئيسية ومجلس الأمن, لاسيما الدول التي تعيق قدرة المجلس عن المطالبة بوقف إطلاق النار, تحمل المسؤولية الإنسانية والأخلاقية والقانونية عن وقف الحرب الصهيونية ضد قطاع غزة, وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.
و كان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني, روحي فتوح, اعتبر قيام الإدارة الأمريكية بإلقاء الطرود الغذائية من الطائرات على غزة, "دليل واضح على عدم جدية هذه الإدارة بممارسة الضغط الحقيقي لإجبار الاحتلال إدخال المساعدات عبر المعابر والمنافذ البرية لقطاع غزة".
و دعا فتوح المجتمع الدولي الى الخروج من إطار التنديد والادانة والقلق والصمت غير المبرر والقيام بخطوات عملية لإجبار الاحتلال الفاشي على وقف حصاره المجرم وحربه الهمجية لتهجير الشعب و طمس القضية الفلسطينية.
و منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة, ما فتأت الجزائر تدعو كل أحرار العالم الى بذل الجهود لوقف هذه الحرب الهمجية والسماح بدخول المساعدات لقطاع غزة.
جهود الجزائر في هذا الاطار تكللت مرة أخرى, أول أمس السبت, بموافقة أعضاء مجلس الأمن بالإجماع على مشروع بيان صحفي, اقترحته, عقب المجزرة المروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال جنوب غرب مدينة غزة ضد المدنيين الفلسطينيين, الذين كانوا بانتظار الحصول على مساعدات إنسانية.
وحث أعضاء مجلس الامن الكيان الصهيوني على إبقاء المعابر الحدودية مفتوحة أمام دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وتسهيل فتح معابر إضافية لتلبية الاحتياجات الإنسانية على نطاق واسع ودعم التوصيل السريع والآمن لمواد الإغاثة إلى الناس في جميع أنحاء قطاع غزة. كما شددوا على ضرورة اتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية, مجددين التأكيد على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي, بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
و شكل هذا ثاني مخرج يعتمده مجلس الأمن, بمبادرة جزائرية, خلال الشهرين الماضيين حول الأوضاع في غزة, حيث كان المجلس قد أصدر عناصر للصحافة يوم 30 يناير الفارط أكد فيها أعضائه على الحاجة الملحة لتوسيع تدفق المساعدات الإنسانية لغزة.