تعرف معظم محلات بيع التوابل، توافد عدد كبير من الزبائن عبر بلديات تيارت، لاقتناء مختلف أنواع التوابل، على رأسها "رأس الحانوت" الذي تشتهر به المنطقة، لما له من خاصية الذوق الرفيع، والرائحة الزكية، وهي المادة التي تزين به النسوة، المائدة التيارتية، خصوصا "الشوربة" أو "الحريرة"، وهو الأمر الذي يفسر الإقبال الكبير على الفريك، والتشيشة، وهي حبات من الشعير، التي تصنع منه "الحريرة". ولمعرفة سر لذة "رأس الحانوت"، قمنا بجولة استطلاعية إلى أحد أسواق تيارت، واقتربنا من أحد الباعة الذي أكد لنا أن سر عشق ربات البيوت لـ "رأس الحانوت"، هو تركيبته المميزة، حيث يتكون من القرفة والفلفل الأسود وحبة الحلاوة وسكنجبير والكروية والبسباس والكبابة والرند والعرق الأصفر والكزبرة وقشور البرتقال اليابس والنوخة و"الفليو" وغيرها من الأعشاب الطبيعية وحسب العارفين، فإن سر البنة أو النجاح في إعداد طبق ما هو ''التوابل''، لذا فإن النساء يتسابقن لإبراز مهاراتهن في المطبخ منذ الأيام الأوائل، والكثير منهن يبحثن عن أفضل الطرق والوسائل التي تحقق لهن معادلة ''الذوق الجميل'' من خلال اختيار توابل ذات جودة عالية، وهو ما يلاحظ هذه الأيام بمختلف الأسواق، التي تعرض بدورها، تشكيلة كبيرة من التوابل والبهارات، امتدت في السنوات الأخيرة، إلى أصناف جديدة، لم تكن معروفة، ولا مستعملة في الطبخ.
ويعمل أغلب سكان المنطقة عبر بلديات تيارت، على تحضير بعض التوابل، حيث تقوم النساء بطحن الفلفل الأحمر، الذي ثم تجفيفه بالشمس، وطحن الفريك وتحضير رأس الحانوت، بعد طحن المكونات، وخلطها بطريقة متجانسة و"الهرماس" أو المشماش اليابس هو الآخر، متواجد بالعديد من المحلات تيارت، خاصة الجهة الجنوبية الغربية للولاية، كونه يضفي الحموضة والبنة على الكثير من الأطباق، وهي خصائص تقليدية طاغية، على الأكل في رمضان، تجعل الإقبال اكبر على التوابل المستخدمة في الأطباق التقليدية وفي مقدمتها ''رأس الحانوت''، إضافة إلى ''الكمون'' و''الفلفل الأحمر'' و''القرفة"، وأجمعت الآراء التي استقيناها على تحبيذ التنويع في التوابل لإعداد مختلف الأطباق سواء تقليدية أو عصرية.
تقول إحدى المواطنات بتيارت ''أنا من الشغوفات بالتوابل وأستخدم كل الأنواع المتاحة في السوق، بل وأعمد الى اكتشاف كل جديد من خلال سؤالي عن التوابل غير المعروفة لدينا، والتي أصبح بعض التجار يجلبونها. ولا أكتفي بما تحدده الوصفات، إذ ألجأ في الكثير من الأحيان إلى إحداث تغييرات، من خلال إضافة توابل أخرى أو زيادة الكمية حتى أصل إلى الذوق الذي أريده أنا". ويشير بائع آخر التقيناه في السوق إلى أن الطلب على هذه المواد يكثر خاصة خلال الأيام الأولى من رمضان ،فيما تعرف الأيام الوسطى من الشهر طلبا على الأعشاب الطبية التي لا بد من معرفة طرق استخدامها حتى تؤتي أكلها، وفي آخر شهر الصيام، يكون الطلب خصيصا على توابل الحلويات مثل ''حبة لحلاوة"، وغيرها من التوابل.