مآذن النور.. مسجد الباي محمد بن عثمان الكبير بوهران .. منارة دينية وتاريخية عتيقة

رمضانيات
مسجد الباي محمد بن عثمان الكبير من أعرق المساجد المتواجدة بوسط مدينة وهران، حيث أنه في سنــة 1792م ومباشرة بعد تحرير وهران من الاحتلال الإسباني، قام الباي محمد بن عثمان الكبير ببناء مسجد صغير يحمل اسمه يكون مقبرةً له ولأفراد عائلته بعد وفاتهم.بُني هذا المسجد في سهل خنق النِّطاح إلى الشَّرق من مدينة وهران القديمة على حوالي كيلومتر ونصف تقريباً، ولا يبعد كثيراً عن المنحدر الذي يُشرف على البحر والميناء البحري شمالاً، بُني على أرضٍ سهليةٍ منبسطةٍ واسعة، خاليةٍ من العمران بعيدة كلَّ البُعد عن المدينة القديمة وهران بمسافة طويلة، وهو حالياً بموازاة شارع جبهة البحر الواجهة البحرية في شارع طرابلس قرب سوق ميشلي المخصَّصِ للخضر والفواكه. بنيَ هذا المسجد على شكلٍ مستطيلٍ، نصفه الشرقي قاعة متوسّطة الحجم وشبه مربَّعة، ونصفه الغربي تتوسَّطه ساحة صغيرة بها نخلة وبعض الحشائش، وهي محاطة بسياج من الآجر ونافورة من المياه. وفي الزَّاوية الشرقية للقاعة توجد منارة متوسّطة العلوِّ ومربّعة الشّكل، ووراءها إلى الغرب بيت صغير اقتطع من القاعة الرئيسية يتَّخذه الإمام حاليا مقراً له ولإعداد خطبه ودروسه، وإلى يسار المنارة وبيت الإمام يوجد بيت متوسِّط الحجم في مقدمة المسجد شرقاً به حالياً أثاث قديمٌ، ويُعتَقدُ أنَّه كان مثوى وقبر للباي محمد الكبير مؤسّس المسجد، في مؤخِّرته توجد أماكن للوضوء يبدو أنّها حديثة ولم تكن سابقاً وهي موجودة في ناحيته الغربية واصل المسجد رسالته العلمية والدينية إلى غاية الاحتلال الفرنسي للمدينة ودخول قواته الاستعمارية إليها، حيث جعل منه سكنا لفرق من جيشه وحماما لهم وأصبحت ساحته مربطا لخيولهم عند النخلة المتواجدة بوسطها وجرى عليه تعديل وتشويه وتغيير في بنيته العمرانية ليسكنه بعدها أحد الرعايا الإسبان، وبعد الحرب العالمية الثانية أخذ النواب الأهالي في المجلس البلدي لمدينة وهران يطالبون باسترجاع المسجد، على رأسهم النائب " المكي بن زغود "، وعند حصولهم على ذلك سلم المفتاح إلى الشيخ " الطيب المهاجي " الذي استعان برجال آخرين قاموا بتنظيفه من الأوساخ والقاذورات ورمّموا ما تخرب منه وأصلحوا بيوت الوضوء وعين الشيخ " الطيب المهاجي" أحد تلاميذه إماما عليه يدعى "محمد الفليتي " ، ليُعاد افتتاحه في حفل بهيج. حاول بعدها المعمرون الأوروبيون الساكنون بالحي الواقع فيه تعطيل مهامه الدينية، حيث عملوا على منع الآذان، وتم تأسيس عمارات شاهقة طوقوها به واقتطعوها من أوقافه العقارية من قبل شركة الجرف، ثم ذهبوا إلى أكثر من هذا، إذ حاولوا تهديمه وإزالته من الوجود، وذلك بالضغط على أسرة " باشتارزي " المالكة له وهي عائلة ذات أصول تركية من أجل التوقيع على التنازل عنه وتعويضه بمساحة في مكان آخر، لكنها رفضت هذا المسعى وتمسكت به، وأثناء حرب التحرير وفي سنة 1956 حاولت منظمة "اليد الحمراء" تفجيره بقنبلة، لكن لحسن الحظ سلم ولم تحدث به أضرار، ليبقى الشيخ "الفليتي" يؤدي فيه الصلوات إلى غاية الاستقلال سنة 1962، حيث تسلمت وزارة الشؤون الدينية وصايته وأجرت عليه إصلاحات عمرانية بغية تحسينه ورد الاعتبار له، إذ أزيلت الساحة الداخلية وإقتلعت النخلة التي كانت بداخلها وضمت إلى قاعة الصلاة، بالإضافة إلى تعديلات أخرى أجريت عليه، وقد صنفت مدرسة المسجد كمعلم تاريخي في 24 ديسمبر سنة 1903، ثم أعيد تصنيفها في 20 ديسمبر سنة 1967 .

يرجى كتابة : تعليقك