كنا في رمضان تابعنا سلسلة مقالات "رمضان يربينا و ينمينا"؛ و هي كانت محاولة لتسليط الضوء على بعض المواضيع و السلوكيات و الأفكار و المناسبات بقصد الإفادة الشخصية و الجماعية في التزكية و التربية و التنمية و تصحيح المفاهيم و الأفكار و العادات...و هو هدف كل انسان يدرك أنه في دار عمل و لا حساب و سينتقل لدار فيها الحساب و لا عمل، فإما إلى الجنة أو إلى الأخرى و العياذ بالله.
مضى رمضان كما تمضي كل الأيام و الأوقات الثمينة من حياتنا، متسارعة غير ملتفتة إلينا، حاملة معها حسابنا من الحسنات و الإنجازات أو من السيئات و الإخفاقات...
مضى رمضان بكنوزه و دروسه و صيامه و قيامه و زكاته و ليلة قدره و أجره المضاعف في ليله و نهاره...فيا سعد من فاز فيه بالرحمة و المغفرة و العتق من النار.. و يا سعد من بادر فيه و جاهد نفسه و شمر عن سواعد الجد و العمل.
و إن كان رمضان قد مضى و أنت ما تزال حيا ترزق، فالفرصة قائمة مستمرة للاجتهاد و العمل الصالح طول العام...كل على حسب قدرته و مجاله و ظروفه و أحواله...
فليس أسهل من الخير: نية طيبة، كلمة طيبة ، سلوك طيب؛ وقد لا تحتاج لدينار لنيل الأجر...و من كان له مال فعنده باب عظيم لمساعدة الناس و نيل رضا رب الناس.
و إن كان الله تعالى قد فرق بين الناس في حظهم من بعض الأشياء كالغنى و الصحة و العلم...فإنه قد أعطى لكل واحد نفس الدقيقة و الساعة و اليوم و الشهر و السنة...و لكل واحد أن يستفيد منها كما يشاء و يريد، كل حسب أهدافه و همته و مبادئه.
فالوقت و الزمن هو رأس المال الحقيقي الذي يملكه الانسان و الذي لا يستطيع لا تخزينه و لا الاحتفاظ به و لا بيعه و لا شراءه؛ بل يملك فقط استغلاله و استثماره، إما بخير أو بسوء.
و من أهم الأشياء التي تستحق العناية و الاهتمام في حياتنا و صرف الأوقات فيها هي تربية أبنائنا و بناتنا، و تمكينهم من امتلاك مهارات النجاح و النجاة في الحياة.
و بالتأكيد أن تربية الذرية الصالحة تحتاج جهدا ووقتا معتبرا يمتد لسنوات طويلة من عمر الانسان، بداية من حسن اختيار الزوجين لبعضهما البعض إلى توفير الجو العائلي الجيد للتربية و التعليم، الخالي من الأخطار و التهديدات و الخلافات و المليء بالحب و المودة و القدوة و التشجيع و التحفيز و المرافقة و المتابعة و الرعاية والعناية بمختلف جوانب الشخصية و احتياجاتها...إلى اتباع أفضل الطرق و الأساليب و الاستراتيجيات التربوية الناجحة و المجربة، و عدم الاكتفاء باستنساخ التجربة الشخصية أو تقليد ما نراه على الشاشات بلا غربلة و لا تمييز.
و ليس من التوازن في شيء أن يكون هناك دلال زائد للأطفال في التعامل معهم بالاستجابة لكل طلباتهم و رغباتهم مهما كانت، كما ليس مقبولا أيضا التعامل معهم بطريقة الإذلال و القهر؛ و لا يجب تربيتهم في جو من الحماية الزائدة على طريقة الدجاجة الحاضنة، و لا إهمالهم و تركهم للشارع كما تفعل الأسماك التي تبيض و تذهب تاركة بيضها للقدر. بل الواجب هو تحري الاعتدال و العدل في المعاملة و التعامل معهم و بينهم، حتى ينشؤوا أسوياء، أقوياء، أنقياء، أتقياء، أوفياء، بارين بالأمهات و الآباء.
و هذا لا يكون إلا ببعض التعلم و التثقيف الذي يحتاجه كل أب و أم يريدان الخير لأبناهم في زمن كثرت فيه الملهيات و المفسدات و المشتتات و أسباب الأمراض الجسدية و النفسية و العقلية و السلوكية.
لذلك سنواصل بحول الله تعالى قبل عطلة الصيف سلسلتنا " كيف نساعد أبناءنا على النجاح في حياتهم والتفوق في دراستهم" على أمل أن نساعد البعض في تحسين طريقة عملهم في تربية الأولاد و إدارة الأسرة و العلاقات..و تفادي الأخطاء الشائعة و المتسببة في الكثير من مآسي مجتمعنا و مشاكله.
و نرحب بتعليقاتكم و ملاحظاتكم لتقديم محتوى مناسب أكثر لاحتياجاتكم و تطلعاتكم.
نسأل الله تعالى التوفيق و السداد للجميع
أ