في علاقة تكاملية بين الأولوية التي خصتها الدولة الجزائرية للتعليم وبرامج التحديث المنتهجة و الطريق الذي شقته السلطات العليا للبلاد في السنوات الأخيرة في سبيل خدمة مجانية التعليم ونوعية التحصيل ، أبرز البروفيسور بوشامة شوام أستاذ وباحث ومدير مخبر الإصلاحات الاقتصادية والاندماج الجهوي والدولي بجامعة محمد بن أحمد وهران 2 في نظرته التحليلية التي خص بها اليوم الجمهورية أونلاين ، خيار التضحية المرّسم وفي بشكل واضح في المكاسب التي حظي بها الطالب الجامعي .
ربط الخبير الاقتصادي وهو يقف عند محطة الانجازات وما قدمته الدولة للطالب وبدون مزايدة على حد تعبيره تضحيات الثورة التحريرية في سبيل الاستقلال بالجهد المنشود والحرص المتواصل للدولة الجزائرية اليوم في سبيل تكوين وتعليم ورسكلة وتأهيل عقول معرفية تواكب التطور السريع للعلوم في العالم و تسوّق كفاءتها في مجال الأمن القومي بمحاور أربعة المتكاملة الأبعاد .
وسلّط الضوء الأستاذ بوشامة وهو يشرّح مسار الإصلاحات الجامعية ،تزامنا مع الذكرى ال68 لعيد الطالب على الاهتمام الكبير والعناية خاصة التي توليها الدولة لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي لارتقائه إلى مستوى التحصيل النوعي الريادي والاستثمار الواسع في المادة الرمادية المتخصصة الذي أخذته السلطات العليا على عاتقها لتحقيق المناخ المناسب و البيئة الخصبة التي تُسرّع من عملية جمع رصيد وفير من الباحثين والعلماء اقتحموا على إثرها فضاء التكوين المعرفي الدولي وتنافسوا على ألقاب ورتب عالمية في تخصصات مختلفة تبرز الدور المحوري للمنظومة الجزائرية لمواكبة التحول التكنولوجي والتغيير الجدري والتكيف الحتمي .
تحدث الخبير الاقتصادي عن محطات الجامعة الجزائرية وما أنجزته الدولة لإخراج المنظومة من ضوابط التعليم الأكاديمي الكلاسيكي نحو التنقيب والبحث المتطور والتحصيل الحاصل لمكاسب قياسية أسندت للطالب الجامعي على مدار مراحل تاريخية تتجاوز نصف القرن وتتلخص بالتحديد في 68 سنة من الزمن .
لم يكن حسب الباحث الاقتصادي عدد الطلبة في سنة 1956 يتجاوز 900 طالب ظلوا يزاولون الدراسة في ظروف استعمارية قاسية جعلتهم يقاطعون ويغيّرون وجهتهم نحو الكفاح في سبيل الاستقلال ، لترتفع اليوم تلك المعطيات وتتزايد في منحنى تصاعدي وتصل إلى 2 مليون طالب ، فالدولة التي قطعت أشواطا كبيرة لتحقيق جودة التعليم لم تتخل اليوم وهي تخوض ثورة البناء والتشييد عن الحدود التي رسمتها ولم تتراجع عن قرار مجانية التعليم على خلاف دول العالم ككل ، ما يجعلها الوحيدة في القائمة ممن تضمن هذه الخدمة لأبنائها ، وهي النقطة الأولى من بين لائحة طويلة من المكاسب الموجهة لهذه الشريحة بالذات ، دون ان ننسى الإيواء والعلاج كشرط مرافق لا يسقط طيلة مرحلة التعليم مقابل 200 دينار مصاريف التسجيل .
-1400براءة اختراع و800 مشروع بحث -
فالدولة التي سطرت وانتهجت سكة بلورة مادة رمادية عالية الجودة قد استثمرت الكثير في هذا المجال ، من خلال استحداث وتشييد مؤسسات جامعية بمواصفات عالمية وبتخصصات حديثة ، تتماشى والتحولات الراهنة بعدد يساوي 115 مؤسسة تتكفل بمهمة التطوير التكنولوجي وتحقيق التنمية المستدامة والمشاركة في الإقلاع الاقتصادي و بلورة الأفكار و براءة الاختراع وتحويلها إلى مشاريع و مؤسسات ناشئة بدعم مادي من الدولة ومرافقة متواصلة من الأجهزة المتخصصة .
ليست شعارات ولا برامج ولا حتى دراسات بحاجة إلى تفعيل حسب ذات الخبير ، بل هي واقع ملموس تجسده الأرقام المستقاة من السجل المعرفي ومن أجندة المنظومة الجامعية التي استطاعت أن تحقق 1400 براءة اختراع و800 مشروع بحث تدور حول 3 محاور أساسية أولها الأمن الطاقوي ثم الغذائي إلى الصحي ، ما أهلها للظفر بتأشيرة من الدول المصدرة للغاز لفتح معهد البحث والتنقيب .
نفس الشيء بالنسبة للأمن الغذائي وما يسعى إليه الباحثون الجامعيون بتحقيق الاستقلالية والاكتفاء من مادة القمح في سنة 2027 ، بعدما حققت الزراعة الصحراوية إنتاجا معتبرا يساوي المليون طن من نفس المادة ، وغير بعيد عن دائرة التنقيب والتكوين والتحصيل ، فقد استطاعت المنظومة أن تقدم انجازا كبيرا لقطاع الصحة من مؤهلات جامعية تمكنت من منافسة المخابر العالمية بإنتاج أكثر من مليون قلم الأنسولين وتصديره للمملكة العربية السعودية ، ناهيك عن انجازات أخرى شاركت بها الجامعة في مجالات أخرى قدمت فيها الكثير .
-الجزائر الثانية إفريقيا في الإصدارات العلمية -
بتصنيف دولي وباعتراف رسمي أضحت الجزائر الثانية إفريقيا في الإصدارات العلمية لباحثين وأساتذة في تخصصات متعددة لها علاقة بما يشهده القطاع من تحولات رقمية وتكنولوجية ، في ظل ما تسجله المنظومة الجامعية من دعم وما تستقطبه من إمكانيات تدفعها لمواصلة مسارها بطريقة صحيحة وسريعة وتكشف من خلالها المؤهلات العلمية التي تكتزنها هذه الأخيرة ، أمام ما تتمتع به تلك الطاقات من تامين وحماية اجتماعية على ضوء الاهتمام المتكامل بالطالب والمؤطر ، باعتبارهما طرفان أساسيان لتجسيد التوافق الإصلاحي الريادي على المدى القصير بمستوى معرفي يصِف نواتج التعلم غير المقيدة بالمكان والزمان .