قراءة في كتاب....ديوان " لك القلب غنى" للشاعرة دلال بلواضح

قراءة في كتاب....ديوان " لك القلب غنى" للشاعرة دلال بلواضح
النادي الأدبي
قد يتعلّم الإنسان في هذه الحياة آية صنعة أراد اكتسابها، فيُعرفه بين الناس بما تعلّم واكتسب، ويُكبرونه بقدر تميّزه وتفرّده فيما عُرف به. لكن ذلك لا ينطبق على قرض الشعر الذي هو موهبة وليس اكتسابا، أتحدث هنا عن الشعر وليس عن النظم الذي لا يحتاج صاحبه سوى لمعرفة الأوزان، ثم صبّ الكلمات في قالبها دون روح أو خيال أو إبداع لافت. لذلك، فأن تكون شاعرا، فليس خيارا متاحا لأي شخص، وأن تنشأ شاعرا، فتلك هبة الله التي ميّزك بها عن غيرك، ولا يمكنك الإفلات والهرب منها مهما حاولت، قد لا تظهر للناس ما تكتبه وما تقوله، لكنك لن تتوقف عن الكتابة والقول، كما لا يمكنك أن تغيّر شخصيتك وصفاتك التي تميّزك كشاعر حتى ولو أردت ذلك. وإذ أقف أمام هذه المجموعة الشعرية ( لك القلب غنىّ ) أجدني في مواجهة الشعر كما عرفته وكما فهتمه معنى ومبنى، الشعر بأوزانه الخليلية وتفعيلاته، وبجمال صوره وعذوبة معانيه، الشعر الذي لا يتعالى بلغته عن القارئ، بل يقترب منه ويلامس فيه وجدانه وأحاسيسه، ويوقظ فيه إنسانيته، ويعيد إليه نبض قلبه بعيدا عن صخب الحياة وضجيجها، وعن اللهث اليومي خلف لقمة العيش ومواجهة تقلّب الأيام. الشعر من وجهة نظري هو ذلك الذي حين يقرأه أو يسمعه المتلقّي يتمنىّ لو أنه هو من قاله، يشعر كما لو أنه يعبّر عنه ويشرح ما يعتمل في نفسه ولم يستطع أن يقوله بذات الطريقة التي عبّر بها الشاعر، إنه ذاك الذي يعجبنا إلى درجة الانبهار به، فنرغب في القراءة أو الاستماع مجددا .. دلال بلواضح أول شاعرة (بوسعادية) تُقدم على طبع مجموعة شعرية، فما أعرفه عن (بوسعادة) الكبرى هو كثرة الشعراء نسبيا وقلّة الشاعرات، وكثرة الكتّاب وقلّة الكاتبات ..ومجموعة ( لك القلب غنّى ) هي تماما كذلك، خطاب القلب للقلب والروح للروح، فما تقوله (دلال) شعرا هو ما يقوله كل إنسان لم يمت قلبه، وعالمها الشعري الذي يربط بين كل هذه القصائد هو عالمنا جميعا، حزن وفرح، خيبة وأمل، حنين وعتاب، حب وشوق...الخ...إنه الشعر الذي نلجأ إليه لننقذ أنفسنا من القسوة والزيف وبرودة المشاعر..ومن الخيبات المتتالية... ويكفيها فخرا أنها امتلكت قواعد كتابة الشعر، ولم تقفز على المراحل كما فعل الكثير من أبناء الجيل الحالي، ممن يكتبون ( الشعر النثري) وهم لا يعرفون تقطيع بيت واحد، بل ولا يحفظون ربع قصيدة.

يرجى كتابة : تعليقك