وأخشى على (مقلتي) حين تُنثَرُ بين الركام
فلا يعثرون عليها
وقد كان فيها عبورُ الأيائل للنهرِ
شمسّاً تُسرّبُ كوناً على حافرِ الجامحين
وقد كان في كُحْلها
رَكوةُ الصُبحِ تَرْشَحُ في شهقة الحالمين
ربما قد تدلّى على رمشها
نَعَسٌ للكمانِ على كتفٍ مُشتهى
ثمَّ يغفو الأنين
وقد كنتُ أعشق رسم النوافذِ في جفنها
ليقول الذين بكوا في الحصارِ :
نحبُّ عيونكِ حين تُفتّح فينا قواربُها جذبة الناسكين
وقد كنت أعشق نوراً أخيّطهُ عبرها
من ضلوعِ المحاريبِ والساجدين
ومن ولَهٍ فار في خاطري
وليس لجوديّهِ كتفٌ كي يعينْ
وأخشى عيوني عليها التمزّقَ تحت الشظايا
فلا يعرفون قراءتها في المشافي
فكم مرّةً أوقدتْ فلّها في حقول
تُعذبّها قسوة السائرين
وكم مرّةً فتقتْ قلبَ شاعرها
وتأسّتْ على كلّهِ نازفاً في الشحوبِ الدفينْ
وكم مرةً سهمها حزَّ طيراً
يحبُّ الوقوف عليها
ولا يستكينْ
وكم مرّةً قتلتْ شوقها
واستعارت رداء الشرود اللعين
وكم مرّةً كلمتْ ربها
إذ تُصلّي السماواتُ فيها ويسجدُ غيمي الحزينْ
ويصمت قلبي وصوتي
وتبقى هنالك يا وجعي
مقلتي في الركام وحيدة ..