قيام الحكم الديمقراطي يشترط بلوغ سدّة الحكم نزهاء لا تشوبهم شائبة ، فالقانون العضوي للانتخابات في الجزائر يبحث في سيّر المقبلين على الترشح لأيّ منصب ، سواء في رئاسة الجمهورية أو المجالس المنتخبة كشرط ضروري لقيام حكم تسوده الإرادة الشعبية ، كونها الأداة التي تُخوِّل لمواطن التعبير بحرية عن رأيه و اختياره الذي يحميه الدستور ، حيث أنها تندرج في إطار التعبير عن السيادة وتضفي الشرعية على الحكم وتقيم دعائم السلطة، وتؤكد صلة التواصل بين الحاكم و المحكوم فكلّما اكتسب الحكم شرعيته من خلال إجراء انتخابات شفّافة ، تخِف حدَّة التصارع غير الديمقراطي على السلطة ، و الانتقادات التي غالبا ما تُطلق دون معرفة الظروف التي أنجزت فيها الدولة هذا الأمر أو ذاك ، لذلك ترى الجزائر دوما حتمية توطين عديد الآليات و السلطات التي لها علاقة بالانتخابات دستوريا و أطلقت يدها في العملية مانحة إيّاها الضوء الأخضر في التسيير و ملاحقة و محاسبة من تسوّل لهم أنفسهم مصادرة الإرادة الشعبية أو التلاعب بتفاصيل الانتخابات ، منذ استدعاء الهيأة الناخبة إلى إعلان النتائج و ترسيمها ، و قد كان لانتخابات السابع سبتمبر تجربة فانفلت أمر أشخاص في المهد من المحاولين شراء الذمّة و دفع المال من أجل الحصول على توقيعات الاكتتاب بمحاولة إرشاء منتخبين محليين .
و تستند العملية الانتخابية في بلادنا على معايير الحيادية والنزاهة والشفافية والديمقراطية ، وفقا لما هو مقرر في التشريعات الداخلية و أهمها الدستور و القانون العضوي للانتخابات و سهر السلطة الوطنية على مراقبة العملية بما وفرته لها الدولة من إمكانيات .
و لتبلغ ديمقراطية الانتخابات ذروة الأهمية فيجب أن يصل شعور الناخب بتأثير صوته في العملية و في حسن الاختيار فتتّضح مسيرة الديمقراطية و لدى كان لزاما بل واجبا دستوريا أنّ يكون الناخب الورقة رقم واحد في العملية ، لأنّ صوتا انتخابيا يستطيع أن يقلب الموازين السياسية عندما تنطلق انتخابات وفقاً للشروط القانونية والدستورية و يتابع أطوارها الجهاز التنفيذي و القضائي طبقا لما يحدده القانون و الدستور أيضا.. و هنا يسدّ الطريق أما الفساد و محاولة السقوط فيه باعتبار العملية الانتخابية في حدّ ذاتها عمل شاق و مكلّف تضع الدولة كلّ جهودها فيه من أجل إنجاحه و الخروج بتجربة رائدة في مجال حرية الاختيار و التعبير فالبلاد لا تعيش في معزل بل مرتبطة بعالم يتحوّل.
و عليه ثمّة مسؤولية ملقاة على عاتق الدولة و المواطن على حدّ سواء من أجل بلوغ ليس النجاح بل التفوّق و تقديم صورة نموذجية لا نمطية .. صورة تدمغ الانفتاح الديمقراطي السياسي و الإعلامي الذي تنتهجه الجزائر منذ التسعينات و عانت لأجله ما عانت و اليوم لابد من قطاف.
ومن أجل ضمان أفضل علاقة إيجابية بنَّاءة ومؤثرة في من سيرسو عنده الاختيار الشعبي ، ومن أجل توجيه إدارته نحو برامج تصب في خدمة الشعب ، لابد أنْ يشارك أوسع جمهور في عملية التصويت من جهة وأنْ تتمَّ عملية الاختيار والانتخاب وفق معايير دقيقة وقراءة متمعنة في طبيعة النّص الذي سيواجه به المرشحون الشعب خلال واحد و عشرين يوما من رحلة الإقناع في الحملة الدعائية .
