أسابيع قليلة تفصلنا عن اختبارات نهاية السنة بالنسبة لتلاميذنا الأعزاء و بالخصوص أولئك المقبلين على امتحاني البكالوريا و التعليم المتوسط..
وكما سبق وأشرنا في مقالات سابقة ،فهي فترة مليئة بالضغط و التوتر و التجاذبات بين التلاميذ و أوليائهم بين التشجيع و التحفيز و التحذير و التهديد و التوبيخ، ذلك أن فصلين كاملين قد مضيا و أظهرت النتائج السابقة مدى الاستعداد من عدمه.
من أهم المشاكل التي يواجهها الاولياء في هذه الحالة هي كيفية مساعدة أبنائهم على استدراك ما فاتهم بمضاعفة الجهود و حضور دروس الدعم و المراجعات المكثفة، و المحافظة على التوازن العاطفي و الذهني و الثقة في النفس وحسن إدارة الوقت و عدم إضاعته فيما لا ينفع...خصوصا و أن العديد منهم صار متعودا على قضاء أوقات معتبرة أمام شاشات الهواتف و التلفاز و الحواسيب في اللعب و متابعة الأفلام و المسلسلات و الدردشات التي لا تنتهي..
بالمقابل هناك فئة أخرى تبذل جهودا مضنية في المذاكرة و لا تشعر بالرضا و لا بأن ما تقوم به كاف، ما يجعلها ضحية للوساوس و المخاوف المبالغ فيها و التي يمكن أن تتسبب في ارتباك كبير أيام الاختبارات إذا لم يتم معالجة الامر باكرا.
و الرسالة المهمة هنا: هي المحافظة على الاتزان و ضبط المشاعر إلى أقصى حد عند تناول هذه المواضيع مع الأبناء و تجنب كل ما من شأنه ان يعقد الأمور بشكل كبير.
القاعدة الأساسية هي أن نساعد التلميذ على تحمل مسؤوليته في المذاكرة، فالامتحان له، و الهدف منه هو فتح الباب نحو المسار الدراسي الذي يرغب فيه و الذي يوصله إلى العمل أو المهنة التي يرغب فيها، أو يشبع شغفه و رغبته في الاستزادة من المعلومات في مجال معين حتى يستفيد منه بأي شكل مستقبلا.
و يكون ذلك بالتركيز على إمكانياته وقدراته و الخيارات الموجودة أمامه و ما يمكنه فعله في المستقبل دون دخول في ضرورة استنساخ تجارب معينة لا يرغب فيها إطلاقا؛ و دون السماح له بأن يهدر وقته و يضيع الفرصة المتاحة له بسبب تأثره بموجة التفاهة التي يمثلها كثير من مؤثري اليوم على وسائط التواصل الاجتماعي و التي تفيض بالسطحية والمبالغة والغش و الخداع و البرمجة السلبية و إهدار قيمة العمل و رفع قيمة الشهرة والمال و الثراء بلا أي اعتبار للقيم و المبادئ و الأخلاق..
الطريقة المثلى هي الحوار الهادئ الرصين، و الاستماع المتمعن لكلامهم الذي قد يكون منطقيا جدا و مقنعا في بعض الأحيان، و استحضار النتائج الإيجابية و السلبية للتجارب و الأفكار المطروحة بالاعتماد على الأرقام و الإحصاءات و ليس العواطف و الادعاءات...فما يصدق في حالات ، قد لا يصدق في حالات أخرى كثيرة.
يمكن في ظروف معينة أن نحتاج إلى مساعدة من مختصين أو خبراء أو استشاريين لمعالجة مشاكلنا مع أبنائنا...خصوصا عندما نشعر بأننا استنفذنا كل السبل و الطرق التي تخطر على بالنا، و استهلكنا كل الطاقة الموجودة لدينا، و نصبح نتعامل مع الموضوع بالعواطف و ردود الأفعال و نجنح نحو العنف اللفظي أو الجسدي؛ أو نحو الاستسلام و مجرد المشاهدة بحزن و أسف...
هنا لا بد من استشارة الخبراء و طلب المساعدة حتى لا نعقد الأمور أكثر.
لأنه في نهاية المطاف ، علاقة الاولياء بأبنائهم و بناتهم لا يجب أن تتمحور أساسا حول الدراسة و لا أن تكون النتائج هي سبب الوجود و مبرر الرضا و المحبة الوحيد.
بعض النصائح المهمة:
-المحافظة على الاسترخاء وطرد التوتر بتمارين التنفس العميق والهادئ وممارسة الرياضة والاستمتاع بالطبيعة.
-المحافظة على الصحة والطاقة بالغذاء المتوازن وشرب كمية كافية من الماء وأخذ قسط كاف من النوم وتجنب السهر.
-المحافظة على صفاء الذهن والتركيز بتجنب الألعاب الالكترونية البرامج المليئة بالعنف و الإثارة والغرائز والمشاكل و الألم ... و تجنب الشاشات بفترة كافية قبل النوم.
-المحافظة على الثقة و الأفكار الإيجابية بترديدها باستمرار و التركيز على الأهداف و تجنب رفقاء السوء و الفاشلين و المتشائمين.
-المذاكرة بخطة منتظمة و مدروسة و عدم انتظار اللحظات الأخيرة لمراجعة بعض المواد.
-المحافظة على الصلاة و الذكر و الدعاء و قراءة ما تيسر من القرآن للشعور بالسكينة و الطمأنينة و طرد الوساوس.
-التعبير السريع عن أي مشكل قد يواجه التلميذ و طلب المساعدة من الراشدين و ليس الاكتفاء بالتحدث وسط شلة الأصدقاء و الأقران التي قد لا تكون نصائحها آمنة و لا مفيدة.
و من هو متأخر نوعا ما عن الاستعداد الجيد للامتحان؛ فليبدأ الآن و فورا و ليعقد العزم على بذل ما يستطيع من جهد، حتى لا يلوم نفسه فيما بعد على التقصير، بل يشعر بالرضا لأنه حاول على الأقل.
نسأل الله تعالى التوفيق لأبنائنا في ما هم مقبلون عليه و السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته.