لقي التجمع الشعبي الثاني للسيد عبد المجيد تبون منذ انطلاق حملته الانتخابية نجاحا، فاستطاع جمع كل هذا الحشد من الجزائريين والجزائريات الذين قدموا إليه بالآلاف من مختلف الولايات الغربية لسماع خطابه الذي شحن بطاريات الأمل في غدٍ أحسن للبلاد ومستقبل أفضل للجزائريين الطامحين إلى الحياة الكريمة والدخل اللائق واقتصاد قويّ يضمن الاستقرار الاجتماعي. لقد كانت وهران بفضل النشاط الكبير الذي نظمه المترشح عبد المجيد تبون محط أنظار الجميع من داخل الوطن وخارجه وصنع خطابه الفريد الحدث بامتياز، فكان خطابا مفصّلا ومركّزا، تطرق فيه الرئيس المترشح لولاية ثانية، إلى كل الجوانب بتفاصيلها التي تخص تسيير البلاد وشؤون المواطنين، مركّزا على أهم التحديات التي تنتظر الجزائر خلال الخماسي القادم، وهي تحديات ترتبط بأمنها القومي.
لقد بنى الرئيس خطابه الواضح والصريح وفق منهجية العمل التي أعدّها لفترة حكمه الثانية، فهو يريدها أن تكون مكمّلة ومتكاملة مع العهدة السابقة، يقينا منه بأن حسن الأعمال بخواتمها وبأنه مكلّف بإتمام كافة الورشات والبرامج الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والصحية والتربوية والفلاحية التي بدأها .
قائمة طويلة وثقيلة من الالتزامات ثقل المهمّة التي تنتظره في عهدته الرئاسية الثانية لتطوير الشأن العام للبلاد بما ينسجم ويتوافق مع آمال الجزائريين. لقد وظف السيد عبد المجيد تبون في خطابه الأخير بوهران كلمة "الأمن" في العديد من المجالات وخصّ الأمن الغذائي والأمن المائي والأمن الصحّي، وهو ثلاثي جوهري في تحقيق الأمن القومي للبلاد، فالعالم اليوم يسعى إلى بلوغ هذه الأهداف، لأنها أهم عناصر القوّة الاقتصادية. والوفاء بهذه العناصر الضرورية سيوفر أسس أمن الدولة واستقرارها، ويضع أمن مواردها في منأى عن التبعية للمحروقات ومنه للاستيراد. تعاني الجزائر منذ عقود من تراجع مواردها المائية بسبب ظاهرة عالمية وهي احتباس الأمطار في موسمها وسقوطها في غير مواسمها فتسبب في الحالتين أضرارا في تأمين الموارد المائية والزراعية. وارتباط هذين العنصرين الوثيق ببعضهما، دفع بالرئيس عبد المجيد تبون إلى فتح ورشات كبرى لمجابهات تحديات الفترة القادمة خصوصا مع استمرار نقص المغياثية وارتفاع الطلب على الماء والغذاء.
[ نظرة استشرافية.. فبرامج استعجالية ]
كان للرئيس في الولاية الأولى نظرة وبرامج استشرافية لتحقيق أمن الموارد الضرورية، فأطلق البرنامج الاستعجالي 2022-2024 لإنجاز 5 محطات كبرى لتحلية مياه البحر، والتي ستؤمّن بعد دخولها الخدمة في ديسمبر القادم 1.5 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب يوميا، لتضع بذلك الجزائر في المرتبة الأولى إفريقيا من حيث قدرات إنتاج المياه المحلاة بطاقة إجمالية تقارب الـ 4 ملايين متر مكعب في اليوم. إنّ التركيز على توفير احتياجات الجزائريين من المياه صناعيا سيضع البلاد في أريحية لاستغلال الموارد الطبيعية من السدود والمياه الباطنية، وهذا يعني بأنه سيكون للزراعة النصيب الأوفر من مياه السقي عن طريق ترشيد استغلال الآبار سواء في عملية الحفر أو الضخّ، حفاظا على الطبقة الجوفية التي تنفرد بها الجزائر، وتثمين الموارد السطحية بفضل برامج تأهيل السدود والحواجز المائية ورفع إنتاجيتها، وربطها ببعضها لإحداث توازن بين المناطق التي تعرف تساقط الأمطار والمناطق الأخرى التي تعرف احتباسا ولا تتوفر على محطات إنتاج المياه المحلاة. هي برامج استعجالية خصّها الرئيس عبد المجيد تبون بمتابعة واهتمام في العهدة الأولى كون القطاع الزراعي هو حجر الأساس لبرنامجه الاقتصادي للعهدة الرئاسية الثانية، وسيكون فيها القمح عنصرا أساسيا في الأمن الغذائي مؤكدا على تطوير زراعة هذه الشعبة ومضاعفة مردودها في الهكتار الواحد وبناء صوامع ومخازن استراتيجية لبلوغ الاكتفاء من هذه المادة الأساسية ووقف استيراد القمح الصلب مع نهاية 2025 وبداية 2026، والشعير والدرة في آفاق 2027 . كما أكّد أيضا على تطوير الزراعة الصحراوية التي تحقق مردودا وافرا صار يغطّي حصّة كبيرة من احتياجات أسواق الخضر والفواكه. فبعدما كان الجنوب يتموّن من ولايات الشمال صار أوّل مُصدّر لها. نفس الاستراتيجية انتهجها الرئيس مع إنتاج السكر والزيت كونهما مادتين أساسيتين أيضا، فشجّع ودَعم مصانع الزيت والسكر لرفع الإنتاج الوطني وتحقيق الاكتفاء لوقف استيرادهما مع نهاية 2027 . ويتم هذا بطبيعة الحال بفضل البرنامج الذي انطلق في العهدة الأولى بتطوير الزراعات التحويلية لدعم الصناعات الغذائية، كتوسيع زراعة دوار الشمس ومختلف النباتات الزيتية. وهذا –كما قال- "حتى لا يبقى الأمن الغذائي مجرّد شعار ولنضمن الاستقلال في الموارد". وفي الجانب الصحّي تحدث الرئيس خلال تجمعه الشعبي بوهران عن تحقيق الأمن الصحّي. وانطلق في تجسيد هذا المسعى خلال عهدته الرئاسية الأولى التي تكللت بالعديد من الإنجازات وتدشين العشرات من المستشفيات والمؤسسات الصحية وتشجيع الاستثمار الخاص بهدف تطوير المنظومة الصحية ورفع مستوى العلاج والتكفل الأمثل بالمريض. وتعدّ وهران عيّنة ناجحة في إنشاء أقطاب صحية متعددة التخصصات.