تشكل الألعاب البارالمبية السابعة عشرة لذوي الاحتياجات الخاصة التي تفتتح اليوم الأربعاء فرصة سانحة لاستذكار مشوار العداء الراحل محمد علاك الذي ترك بصمة لا تمحى في رياضة ذوي الهمم الجزائرية والإفريقية والعالمية.
لقد كان هذا الرياضي الكبير في رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة أول من رفع العلم الوطني عاليا على منصات التتويج في أعرق المضامير العالمية في تاريخ المشاركات الجزائرية, حيث نافس وانتصر. هو بطل البارلمبياد خمس مرات وبطل العالم عدة مرات وحامل العديد من الأرقام القياسية العالمية في اختصاصه (100م و200م و400م) لأزيد من 15 سنة.
لقد ترك محمد علاك وراءه مسيرة استثنائية تميزت بسيطرة لا مثيل لها في فئته (ت36 ثم 37) وكانت إنجازاته مصدر فخر كبير ليس فقط لعائلته وأصدقائه, بل أيضا لكل الجزائريين الذين رأوه ينشد النشيد الوطني" قسما"بفخر في أكبر مضامير العالم .
خلال مسيرته كرياضي النخبة والمستوى العالي (1994-2008), فاز محمد علاك بما لا يقل عن 60 ميدالية ذهبية دولية, بما في ذلك 05 ذهبيات في الألعاب البارالمبية و06 أخريات في بطولات العالم وعديد منها في البطولات العربية-الإفريقية والإفريقية وشمال إفريقيا ومختلف المنافسات/المشاركات
الدولية, ناهيك عن ما يقارب 32 فضية أخرى, محققا أرقاما قياسية في كل سباق تقريبا, بمجموع 15 رقما قياسيا عالميا, وقد استمر بعضها لأكثر من عشر سنوات.
لكن تاريخ 28 أوت 2003, سيبقى محفورا إلى الأبد في ذاكرة رياضة ذوي الهمم الجزائرية, عندما احتفل الراحل علاك بأحد إنجازاته العديدة (ميدالية ذهبية في سباق 400 متر + رقم قياسي عالمي) في الملعب الأسطوري بباريس سان دوني (فرنسا) الذي سيستضيف الدورة ال17 للألعاب البارالمبية. وكان من المفترض أن يحتفل الفقيد بعيد ميلاده الخمسين خلال هذه الدورة البارالمبية, لكن شاءت الاقدار
غير ذلك, حيث توفي في 8 مارس 2016 إثر مرض عضال ألم به.ورغم أن قصر مسيرة محمد علاك, إلا أنها كانت رائعة بشكل استثنائي, حيث كان "سيدا مطلقا" لسباقات السرعة العالمية, حيث كان يتصدر دون أن يفشل في كل سباق في كل مضمار شارك فيه.
ومن المؤكد أن فقيد رياضة ذوي الهمم كان يود أن يكون حاضرا مرة أخرى في دورة باريس وبملعب سان دوني, حيث فاز وببراعة في 28 أوت 2003، بالميدالية الذهبية في سباق 400 متر، مسجلا رقما قياسيا عالميا جديدا (54د و 66 ثا), بعدما لبى دعوة شخصية للاتحاد الدولي لألعاب القوى للمشاركة في منافسة استعراضية خلال بطولة العالم للأصحاء.
ومن خلال إنجازاته الرياضية التي لا يعد لها مثيل لحد الساعة، كرس محمد علاك مبادئ الشجاعة وتجاوز الذات وبذل الجهد والإرادة. قدرته على تجاوز كل الحواجز الجسدية والذهنية والنفسية جعلت منه رياضيا فذا سيترك بصماته إلى الأبد في تاريخ رياضة ذوي الهمم في الجزائر.
وسيبقى في الذاكرة باعتباره الرجل الذي مهد الطريق للأمل والعزة والكرامة لشباب الجزائر من جيله وأجيال أخرى من الذين يشكلون اليوم مع أبطال آخرين في الماضي والمستقبل، أسوياء ومعوقين، ناقل "القوة الناعمة للرياضة" بامتياز في خدمة الجزائر الجديدة.