روما نافذة الجزائر نحو أوروبا

روما نافذة الجزائر نحو أوروبا
الحدث
لقد كانت زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون إلى إيطاليا على مدى ثلاثة أيام ,حافلة بالوعود المتبادلة, للدفع بالعلاقات بين البلدين, لتشمل مختلف القطاعات الاقتصادية , زيادة على قطاع الطاقة, و خاصة القطاعات التي شكل وزراؤها جزءا من الوفد الرئاسي المرافق لرئيس الدولة و المتمثلة في؛ الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج, الطاقة والمناجم, الأشغال العمومية, النقل, السياحة و الصناعة التقليدية, الثقافة, واقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة. وهو ما يجعل هذا الزيارة تكتسي "أهمية خاصة في تمتين أواصر الصداقة التاريخية, وتعزيز العلاقات الثنائية, في عديد من المجالات, وبخاصة الجانب الاقتصادي, ضمن رؤية جديدة للرئيسين, تهدف إلى بعث ديناميكية جديدة للحوار والتعاون الاستراتيجي, بين البلدين الجارين والصديقين", حسبما جاء في بيان لرئاسة الجمهورية. و لا شك أن العلاقات الجزائرية الإيطالية في إمكانها الارتقاء إلى هذا النوع المثمر و المثالي من العلاقات الثنائية. و هو ما تسعى إليه سلطات البلدين , و عبَّر عنه بوضوح رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون خلال اللقاء الذي خص به ممثلين عن الجالية الجزائرية المقيمة بإيطاليا, في مستهل زيارته للبلد المضيف,عندما أشاد "بالمواقف التاريخية المشرفة لإيطاليا تجاه الجزائر، لاسيما خلال ثورة التحرير، مستذكرا دعم انريكو ماتيي الذي وصفه بالصديق "فوق العادة".واصفا العلاقات بين البلدين بالمتينة "و من أقوى العلاقات العربية/الأوروبية في منطقة حوض المتوسط ,مذكرا بالمواقف الإيطالية الداعمة للجزائر خلال العشرية السوداء , وخلال عجزها عن تسديد ديونها. و عرفت العلاقات الجزائرية الإيطالية , ككل العلاقات فترات ازدهار و أخرى فاترة إذ بعد الاستقلال مباشرة احتفظت الجزائر بممثل الحكومة المؤقتة في روما كأول سفير للجزائر المستقلة بهذا البلد , و كانت أولويات هذه السفارة الفتية "التعاون في مجال الطاقة و التعليم و الأشغال العمومية و البنى التحتية",كما "تعد فكرة مشروع ربط الجزائر وايطاليا بأنابيب الغاز الطبيعي الذي يمر عبر تونس والتي جاء بها السيد أنريكو ماتيو من أهم الإنجازات التي قامت بها الجزائر بعد الإستقلال، تم إنشاؤه في أواخر السبعينات و تدشينه في 1983. وركزت العلاقات في تلك الفترة في مجال الطاقة والبحوث وفي اكتشاف منابع النفط و الغاز" بحيث أصبحت الجزائر حاليا "ثاني ممون بالغاز للسوق الايطالية" و تطمح إلى الدفع بهذه الشراكة لتمكين إيطاليا من توزيع الغاز الجزائري في أوروبا. و إلى جانب قطاع الطاقة , يعتبر قطاع "الأشغال العمومية محورا رئيسيا في التعاون الثنائي، والذي تتجلى صوره في البنايات العمرانية والريفية التي قامت بإنجازها ايطاليا مثل: ميناء جنجن، تأسيس العديد من الآبار والطرقات، قنوات المياه والجسور وغيرها فضلا عن تطلع لمواصلة "الاستثمار في الصناعات العسكرية و البحرية و الإلكترونية".و بشكل عام فإن رئيس الجمهورية يضع آفاقا واعدة للشراكة الاقتصادية بين البلدين مؤكدا أنه: "لا يوجد هناك حواجز بين الجزائر و إيطاليا. نحن نتوافق في عدة ميادين ونصبو إلى تقوية الشراكة الاقتصادية في عدة مجالات على غرار صناعة السفن والطيران والصناعات الخفيفة مثل الصناعات الغذائية والأثاث". إذ زيادة على الاتفاقات الثلاثة الموقعة بين البلدين في مجالات التربية و العدالة و حماية التراث الثقافي بمناسبة زيارة الرئيس الإيطالي للجزائر, يصبو الطرفان إلى تنويع التعاون في"ميادين أخرى، مثل الهياكل القاعدية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والابتكار التكنولوجي والطاقة والصناعات الزراعية والاتصالات السلكية واللاسلكية, فضلا عن الجانب المالي , حيث اقترح الإيطاليون "على الجانب الجزائري الاستفادة من مرافقة وتمويلات الصندوق الايطالي الخاص بالمؤسسات الناشئة والذي يحتوي على 3 مليار دولار", و كذا إمكانية الاستفادة "من التجربة الإيطالية فيما يتعلق بالقضاء على الاقتصاد الموازي، والذي تقلص في إيطاليا من معدل 70 بالمائة بعد الحرب العالمية الثانية إلى 15 بالمائة حاليا". كما لا يرى الجانب الجزائري مانعا من "إنشاء بنك جزائري-إيطالي لمساعدة الجالية الموجودة بأوروبا لتحويل الأموال بطريقة قانونية، ولإنشاء مؤسسات مختلطة جزائرية-إيطالية"..و الاستفادة من جهود الباحثين الجزائريين المتواجدين في إيطاليا , لنقل التكنولوجيا و المساهمة في تطوير الاقتصاد الوطني.. و ما كان لهذه العلاقات أن تتطور لولا تطابق وجهات النظر بين البلدين حول جملة من القضايا الشائكة إقليميا , كالوضع في ليبيا و تونس و مالي و الهجرة غير الشرعية و المسائل المتعلقة بحوض المتوسط , و بطبيعة الحال قضية الصحراء الغربية , و هي العوامل التي تؤشر على أن زيارة السيد الرئيس ,هي تأكيد إضافي لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون المبرمة بين البلدين منذ عقدين من الزمن و بهذا تنضم إيطاليا إلى شركاء الجزائر الموثوق فيهم في إطار العلاقات الاستراتيجية التي تسعى البلاد إلى بنائها , بعيدا عن العلاقات المضطربة و غير المتكافئة مع دول مثقلة بالعقد التاريخية.

يرجى كتابة : تعليقك