تعود اليوم الذكرى الـ 64 المزدوجة لاستشهاد "علي شريف شريط" و"سلماني شعبان" حيث نظم أمس المكتب الولائي لجمعية الوطنية لقدماء المحكوم عليهم بالإعدام بالتنسيق مع مديرية المجاهدين وذوي الحقوق لولاية وهران وقفة ترحم في الذكرى المزدوجة لشهيدي المقصلة حيث قدم كل من رفقاء الشهيدين المجاهد قدور بن عياد و المجاهد ميسوم بن رقية شهادات حية عن هذين البطلين الذين واجها المقصلة و حكم الاعدام بكل شجاعة و بطولة اقتداء بالشهيد الأول أحمد زبانة .
تحدث المجاهد قدور بن عياد الأمين الوطني المكلف بالتنظيم في الجمعية الوطنية لقدماء المحكوم عليهم بالإعدام - مكتب وهران- في شهادته الهامة عن الساعات الأخيرة قبل تنفيذ الحكم في رفيقي زنزانته رقم 13، حيث استغرب قيام كل من شريط و سليماني الى الصلاة في الليل فأعلماه بأن حكم الاعدام سينفذ في الساعات الأولى من صبيحة هذا اليوم و أوصه بإعطاء صور زوجته و بناته الى رفيقه فتاح عبد الله عن طريق المحامي السيد عابد، ليحضر مأمور السجن و العساكر و الإمام لأخذهما الى آلة المقصلة لتنفيذ الحكم و هما مكبلان بالسلاسل وعندما كانا يعبران في ممر السجن بدأ يصرخان " تحيا الجزائر" مما جعل كل السجناء يردون الله أكبر، تحيا الجزائر .
وأضاف المجاهد قدور بن عياد أنه خلال سنة 1957 تم جلب آلة "المقصلة " إلى سجن وهران المركزي قصد ترهيب الشعب الجزائري الذي ثار في وجه الإستدمار الفرنسي، حيث تم إعدام 56 شهيدا من بينهم الشهيد البطل أحمد زبانة، وتحدث بن عياد رفيق شريط علي الزنزانة رقم13 أين تعرف على شريط الذي قبض عليه عندما قام يوم 14 جويلية 1957 بعملية داخل حانة بحي "كارتو "، وفجر قنبلة يدوية ليتم تحويله مباشرة إلى مركز الشرطة السرية، أين مكث به تحت التعذيب لمدة 8 أيام و حُول بعدها ، إلى سجن وهران المركزي في حالة يرثى لها بعد تعرضه لأبشع أنواع التعذيب من أجل إخضاعه للاعتراف بأفعاله و الإقرار بالمعلومات المتعلقة بالتنظيم الثوري بالمنطقة، لكنه صمد و لم يدل بأي شيء متسلحا بإيمانه بالقضية العادلة و بإيمانه أن حب الوطن من الإيمان .
والشهيد علي شريف شريط هو صاحب أوّل رصاصة أطلقت ليلة الفاتح نوفمبر بوهران و ثاني من نفد فيه حكم المقصلة، وهو من مواليد 6 من شهر أوت سنة 1931 بسيق، نشأ وسط عائلة فقيرة من 7 أطفال كان هو رابعهم في الترتيب، كان أبوه يمارس أعمال يومية بسيطة، كما ذكر المجاهد ميسوم بن رقية حيث تابع دراسته الإبتدائية لمدة 4 سنوات لكن سرعان ما غادر مقاعد الدراسة ملتحقا بصفوف الكشافة الإسلامية .
أنتقل من مدينة سيق إلى وهران حيث أستقر بحي الحمري وهناك بدأ احتكاكه ببعض الأخوة المناضلين للكشافة الإسلامية في وهران كقرويشة و جفال، فتولدت عنده روح الأخوة و التضامن و الوطنية، حيث أضحى يعي أنه لا سبيل لاستقلال الجزائر إلا بالكفاح المسلح. وأثناء التحضير للعمل المسلح عين مسؤولا على العمليات الفدائية بعد انضمامه في صفوف اللجنة الثورية للوحدة والعمل .
كلف الشهيد أحمد زبانة الشهيد الشريط على الشريف حسب شهادة المجاهد قدور بن عياد بمهمة الاتصال المباشر بالعضو المكلف بالتنظيم العمليات لحرق المراكز البنزين بوهران لكن شاء القدر أن يلقى القبض على الشهيد شريط من طرف السلطات الاستعمارية بحي الحمري يوم 11 جانفي 1954 بعد وشاية من صاحبة مخبزة شكت في أمرهم، ممن ضعفت عزائمهم بعد أن أذاقته السلطات الاستعمارية أنواع العذاب والتنكيل، ثم تمت محاكمة الشهيد ورفقائه من طرف المحكمة العسكرية بوهران يوم 18 ديسمبر سنة 1955، وقد ظهر شجاعا، قوي العزيمة أمام المحكمة العسكرية وبالرغم من وجود محامي يدافع عنه إلا أنه كان كثيرا ما يستهزئ و يسخر خلال جلسة المحاكمة، لكن المحكمة كانت قد قررت في مصير الشهيد يوم 18 ديسمبر سنة 1955، فنقل على إثر ذلك إلى زنزانته مكبلا بالسلاسل، لمدة سنتين ونصف ينتظر التنفيذ، لينفد فيه حكم الإعدام بالمقصلة بتاريخ 28 جانفي 1958.
عرج المجاهد ميسوم بن رقية في حديثه عن الشهيد سلماني شعبان الذي ولد سنة 1932 بإبودرارن ولاية تيزي ورز، و ترك قريته صغيرا ليستقر بوهران بالمدينة الجديدة أين تعلم حرفة الخياطة و بعد عامين افتتح محله الخاص في نفس الحي.
وفي سنة 1957 ألتحق بصفوف المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطنية و كان محله مكانا لتبادل الرسائل وتخبئة السلاح، فكانت له الفرصة لمعرفة قادة جبهة التحرير بالمنطقة الذين قاموا بضمه إلى خلية العمليات الفدائية في حي الحمري، ونظر لشجاعته و روحه الوطنية أصبح مساعد مسؤول مجموعة في خلية الفدائيين بالمنطقة ، ليلقى عليه القبض ثم يحول بعدها إلى سجن وهران أين حكم عليه بالإعدام، لينفذ فيه الحكم يوم 28 جانفي 1958. ووجه قدور بن عياد رسالة للشباب من أجل الحفاظ على الجزائر و تاريخها الذي كتب بدماء الشهداء أن يحافظوا على هذا الوطن.