حيزية....كيف للغياب أن يكون بهذه القسوة؟ كيف للرحيل أن يخطف روحًا كانت دائما مصدر المرح والخلق؟.. رحلتِ، لكن أثركِ باقٍ في كل زاوية من زوايا جريدة الجمهورية ، في كل ذكرى و في كل محطة جمعتنا، في كل كلمة صادقة تبادلناها خلال نحو عقدين من الزمن من الزمالة والأخوة.
لم تكوني مجرد زميلة، بل كنتِ أختًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. كان حضوركِ هادئا، أخلاقكِ رفيعة، وسيرتكِ ناصعة البياض.. لم أركِ يومًا تتخاذلين عن أداء عملك الصحفي،ولا حتى في واجباتك إزاء زملائك.. ولم أسمع منكِ إلا الكلمة الطيبة. كنتِ سندًا لي في لحظات ضعفي، في مرض والدتي رحمها لها، وفي رحيلها كنتِ العزاء الصادق الذي لم يفارقني حتى بعد انقضاء أيام الحداد.
حيزية.. ليتني استطعت أن أخبركِ كم كنتِ نموذجا للإنسان النبيل الذي لا يترك خلفه إلا الأثر الطيب.. رحلتِ جسدا، لكن ذكراكِ ستبقى حيّة في قلوب كل من عرفوكِ من زملائك ، في كل خبر كتبتهِ بأمانة، في كل موقف أثبتِ فيه أن الصحافة ليست مجرد مهنة، بل رسالة يحملها من يؤمن بها بصدق.
رحمكِ الله يا حيزية، يا من كنتِ أكثر من زميلة، يا من كنتِ أختا ، رحلتِ فجأة، لكنكِ تركتِ أثرًا لا يمحوه الزمن، وذكرياتٍ لن تطويها الأيام.. جمعتنا الصحافة، لكن ما جمعنا أكثر هو الأخوة الصادقة، ذلك الرباط الإنساني النادر الذي لا تصنعه المصالح، بل تبنيه المواقف والمشاعر النبيلة. كنتِ مثالًا للصحفية المخلصة، المحبة لعملها، الشغوفة بالكلمة الصادقة، لم يكن الخبر مجرد كلمات على الورق بالنسبة لكِ، بل كان مسؤولية، وكان صوتا للحقيقة.. كنتِ تحترمين قلمكِ، وتمنحين كل خبر تكتبينه جزءا من روحكِ.
حيزية.. لم تكوني فقط صحفية ، بل كنتِ إنسانة بمعنى الكلمة قلبكِ كان يفيض بالحب والاهتمام بكل من حولكِ.. كنتِ تملئين الجمهورية بالحياة، بروحكِ المرحة، بابتسامتكِ التي لم تفارقكِ حتى مريضة ولا تستطعين تحريك يدك اليمنى التي سافرت الى فرنسا أملا في الشفاء، لكن هيهات سافرتي دون رجعة..
حيزية.. كيف أقول وداعا وأنا لا أصدق أنكِ لستِ هنا؟ كيف أكتب عنكِ بصيغة الغائب وأنتِ لم تغبي عنا لحظة ؟ رحلتِ جسدا، لكنكِ ستبقين فينا، في كل لحظة من العطاء والأخوة.
رحمكِ الله يا أختنا وأسكنكِ فسيح جناته. سأظل أذكركِ بالدعاء.
وداعا حيزية...
