تقترب وهران رويدا من عرسها المتوسطي الذي أعدّت له العدّة والعدد، حيث جنّدت لإنجاحه كل الوسائل الماديّة والبشرية، ما بين تجهيزات حديثة، ومنشآت رياضية وثقافية وإعلامية لاستقبال ضيوف الباهية في أحسن الظروف، ينتظر أن يطبعها حفل افتتاح ضخم.
وتراهن الجزائر في هذا الصدد على التفوق فيما هي مقدمة عليه، بعد تحديها لكل الظروف التي أحاطت بالنسخة 19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط، خاصة جائحة كورونا كوفيد 19، التي أخلطت الكثير من أوراقها بسبب توقف كل الأنشطة عبر العالم تخوفا من انتشار الفيروس، ما جعل التزود بالمواد الأولية الخاصة بالبناء أمرا صعبا للغاية، بسبب حالة الإغلاق الجزئي والتام، والعزلة الدولية جراء توقف الملاحة الجوية، البحرية وحتى البرية، والوتيرة البطيئة التي كانت تسير بها الأشغال في الورشات، بسبب نظام العمل الذي كان يفرض التباعد الجسدي، والإصابات المتكررة في أوساط العمال.
ومع ذلك أخذت بلادنا على عاتقها الاستمرار في تنظيم التظاهرة، حيث ضخّت استثمارات ضخمة في تشييد منشآت رياضية جديدة منها ملعب بئر الجير، وشرعت في بذل المزيد من الجهود منذ إعلان حالة التعافي التدريجي من الوباء، وسط خوف كبير من الفشل في جاهزية المنشآت، لم يخفه حتى رئيس اللجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط السيد "تيزانو"، الذي أعلن صراحة خلال زياراته الأخيرة لوهران عن سعادته وانبهاره من التقدم الكبير الذي أحرزته الجزائر على جميع الأصعدة، والتزام هذه الدولة بتعهداتها لإنجاح الدورة 19.
ومعروف عن الجزائر أنها بلد المعجزات والتحديات، فقد أعجزت العالم بثورة مجيدة، خطط لها شباب لا يملك ثلث إمكانيات أعتى وأعند قوة امبريالية في ذاك الزمن، فأفحمتها وخرجت منتصرة عليها، وهاهي تتأهب للاحتفال بستينية استقلالها عنها، التي ستتزامن مع فترة ألعاب البحر المتوسط.
والجزائر هي ذاتها التي راهنت على احتضان كأس إفريقيا للأمم وفي 1990، في وقت حرج للغاية، كان يمر فيه العالم بتحولات دولية ضمن سياقات في غاية الأهمية، وما أعقب انهيار المعسكر الشرقي بزعامة الإتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين، ومرور الدول الموالية لهذا المعسكر بأزمات خانقة ومنها الجزائر، ومع ذلك نجحت في تنظيم الدورة بل وفازت بأول كأس في تاريخها.
ونظمت قبلها ألعاب البحر الأبيض المتوسط في 1975، ورالي داكار-باريس الجزائر داكار في 1981 و1988، وأربع دورات لبطولة إفريقيا لكرة اليد للرجال في سنوات 1976، 1989، 2000، و2014، والألعاب الإفريقية في 1978 و2007، وبطولة إفريقيا لكرة الطائرة للرجال في 1993، وبطولة إفريقيا لكرة الطائرة لأقل من 23 سنة، فبطولة إفريقيا لكرة السلة في 1995 و2005، ثم الألعاب العربية في 2004، والبطولة الإفريقية لألعاب القوى لصنف أواسط أقل من 20 سنة التي احتضنتها مدينة تلمسان، والبطولة الإفريقية لأقل من 20 سنة في 2013، وبطولة شمال إفريقيا لكرة القدم لمنتخبات أقل من 23 سنة في 2015 وغيرها.
كما نظمت عدة مهرجانات ثقافية دولية للسينما وللفيلم العربي بوهران والمتوسطي بعنابة، والمهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية بالجزائر، والمهرجان الثقافي الإفريقي الثاني وغيرها، فضلا عن احتضان عاصمة الزيانيين لتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية في 2010، و"سيرتا" التاريخية لقسنطينة عاصمة الثقافة العربية في 2015.
كما أن الجزائر سجلت عودة قوية فيما يتعلق باستضافة المنافسات الدولية والإقليمية المهمة، منها أهم نسخة في كأس "ديفيس" للتنس للمجموعة الإفريقية الثالثة، التي ستحتضنها ميادين باش جراح بالجزائر العاصمة في الفترة مابين 10 إلى 13 أوت المقبل بمشاركة كل من الجزائر، المغرب، زمبابوي، كينيا، البنين، كوديفوار، الموزمبيق وناميبيا، وهذا بعد 19 سنة من الغياب.
وهي كلها مواعيد دولية مهمة، من شأنها أن تعيد الجزائر إلى مكانتها الدولية الحقيقية التي تستحقها ويعرفها بها العام والخاص، فلا ضير إن نفخ الحساد في الأبواق غيرة منها... وتعالت أصوات الحاقدين والمشككين في نجاحها في تنظيم موعدها الدولي الهام من ألعاب البحر الأبيض المتوسط، لهؤلاء نقول إنّ موعدنا غدا، وغدا لناظره قريب...