أعطت زيارة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون إلى وهران أمس بعدا خاصا للنسخة 19 من ألعاب البحر الأبيض المتوسط، خاصة وأنها الخرجة الأولى له داخل الوطن منذ انتخابه رئيسا للبلاد في ديسمبر 2019.
هذا الشرف الذي حظيت به عاصمة الغرب الجزائري، ما هو سوى تأكيد على أن القاضي الأول في البلاد أولى أهمية قصوى للدورة 19 من ألعاب البحر الأبيض المتوسط، التي كان يتابع شخصيا أدق تفاصيلها، سواء من خلال التعليمات الصارمة التي كان يقدمها خلال مجلس الوزراء، أو في مختلف لقاءاته الإعلامية، أين كان يحرص حرصا شديدا على أن تكون وهران جاهزة في الوقت المناسب، وأيضا في مستوى الحدث الدولي، ليكون لذلك انعكاس طردي على صورة بلادنا في الخارج، التي طالما كانت محط احترام من قبل الجميع في المنتظم الدولي، وهو مكسب سياسي ينبغي تعزيزه أكثر بالدبلوماسية الرياضية، التي ستسمح لبلادنا بالعودة من جديد إلى حظيرة الكبار، كما كان هذا دأبها دائما وفي كل المحافل السابقة.
وفوق كل هذا وذاك فالمنشآت التي تنقل رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون خصيصا إلى وهران من أجل تدشينها، تمثل تحفا معمارية بمقاييس دولية، سواء المحطة الجوية الجديدة للمطار الدولي أحمد بن بلة التي خصصت لها استثمارات ضخمة، جعلتها في قمة الروعة، لجمعها بين فن العمارة الإسلامية والطابع المعماري الحديث، وتجهيزها بأعلى التقنيات في الاستقبال و المعالجة والمراقبة، ناهيك عن أنها أول مطار على المستوى الإفريقي يتم تزويده بتقنية الإنارة بالطاقة الشمسية، ليكون في مستوى استقبال ضيوف الجزائر من 26 دولة متوسطية، وقرابة 4 آلاف رياضي، ناهيك عن الشخصيات السياسية والثقافية والفنية التي جاءت خصيصا لمشاركة الجزائر عرسها.
ولا تقل القرية المتوسطية بملعبها الأولمبي أهمية عن المحطة الجوية، حيث جرت الأشغال بكل هذه المنشآت في شبه تحدي أخذه رئيس الجمهورية على عاتقه، وأوكل المهمة إلى رجال مخلصين، دخلوا في صراع مع الوقت من أجل تسليمها في وقتها المحدد، بعد أن كان التأخر فادحا في هذه المشاريع إلى غاية سبتمبر الماضي، وأكد على هذا والي ولاية وهران السعيد سعيود في أكثر من مناسبة، وعبّر عن ذلك صراحة رئيس اللجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط "دافيد تيزانو" الذي قال في لقائه الأخير أنه جد منبهر بما تم إنجازه في ظرف وجيز، في الوقت الذي كان فيه جد متخوف من التأخر.
والتحدي الذي رفعته الجزائر زادته الإجراءات الصارمة والإغلاق التام والجزئي في حركة الملاحة الجوية والبحرية والبرية بسبب جائحة كوفيد 19 تأزما، سواء من خلال صعوبة التنقل وجلب المواد الأولية من الخارج، أو نظام العمل الذي كان يشترط التباعد الجسدي، ناهيك عن الإصابات المتكررة في أوساط العمال، ما جعل السلطات العمومية تقرر في سبتمبر المنصرم مضاعفة العمال وساعات الدوام مباشرة بعد الإعلان عن حالة التعافي التدريجي من الفيروس، والوقوف على وتيرة العمل في كل يوم إن لم نقل في كل ساعة، من خلال زيارات ميدانية مفاجئة قام بها عدة وزراء لورشات البناء، دون الحديث عن السلطات المحلية التي كانت شبه مقيمة بها .
الرهان الجزائري كان في المستوى، وشتّت كيد أعداء الوطن ودحض مزاعم المشككين في نجاح هذه الدورة التي كثُر الكلام بشأنها، فقط لأن بلد مسالم مثل الجزائر تمكّن من الفوز باستضافة النسخة 19 منها، وسيتخرج بلادنا كعادتها منتصرة مرفوعة الرأس والهامة بعد انتهاء الدورة، التي أرادت لها السلطات العليا في البلاد أن تكون تاريخية بامتياز، وأسوة يحتذى بها في النسخ القادمة.