تظهر الجزائر منذ أيام في أبهى حلّتها لتبهر العالم، فقد نجح بلد المليون ونصف المليون شهيد إلى غاية كتابة هذه الأسطر في استقطاب أنظار العالم، التي أصبحت تنظر إلى الطبعة 19 من ألعاب البحر الأبيض المتوسط بمنظار خاص، صنعته الخصوصية التي يمتاز بها بلد الأحرار وقبلة الثوار.
وهران في القلب... بل وهران هذه الأيام وكل الجزائر هي القلب النابض للمتوسط ولما لا للعالم، الذي يستنشق هواءها ويشرب ماءها، ويستمتع بالمناظر الخلابة لعاصمة الغرب الجزائري وهران، التي وجد فيها كل واحد من القادمين إليها غايته التي كان يبحث عنها، واكتشافا طالما تمتّع بصوره من بعيد من خلال ما يبثّ عنها من الحصص، وترنَّم على الأغاني التي تحيّي جمالها بصوت العالمي " خالد" وأيقونة الطرب الوهراني "أحمد وهبي".
الانبهار كان جليا على وجه الوفود التي وصلت إلى المحطة الجوية الجديدة بالمطار الدولي أحمد بن بلة، أمام حفاوة الاستقبال التي سهرت عليها أعلى الهيئات في البلاد بتوجيهات من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، ورضا تام أبداه ضيوف عروس المتوسط، وعبّروا عنه من خلال تدويناتهم عبر مختلف وسائط التواصل الاجتماعي، وتصريحاتهم للإعلاميين، وهو ما لم يستسغه بعد هؤلاء المشككين في نجاح الجزائر في تنظيم دورة ألعاب البحر المتوسط هذه، وأنّ هذا البلد سيبقى مرفوع الرأس، شامخ الهامة، يعمل في صمت ويترك للبقية التعليق، الذي لن يكون إلاّ إيجابيا، لصالح بلد مضياف، يُكرِم ضيفه وتقرّ عينه بمنحه كل واجبات الضيافة للراحة والاستمتاع، خاصة إذا كان مدعوا ومتبعا لشروط الدخول والخروج من الوطن، بعيدا عن محاولات تصيُّد الأخطاء إن وُجدت.
الطبعة 19 تكمن خصوصيتها في أنها في ضيافة الجزائر من جديد، وللمرة الثانية بعد غياب عنها لمدة 47 سنة، منذ أن احتضنت العاصمة الجزائرية الطبعة السابعة منها في 1975، وأيضا بعد غياب هذه المنافسات لأربع سنوات متتالية بسبب الحالة الوبائية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة، وهي سابقة أولى في تاريخ الألعاب منذ انطلاقها في 1951 بالأسكندرية، إضافة إلى أن انعقادها سيتزامن واحتفال الجزائر بالذكرى الستين لاسترجاع سيادتها الوطنية، والذكرى 70 لإنشاء اللجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط من جهة ثانية.