في إطار الطبعة الثانية عشرة للأيام العلمية والتقنية JST12، المنعقدة بوهران، شدّد مستشار في مجال الطاقة على أهمية التحول التكنولوجي العميق في قطاع الطاقة، مؤكدًا أن الجزائر مطالَبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن تنخرط في الديناميكية العالمية لتقليص الانبعاثات الكربونية واستثمار التكنولوجيا الحديثة لتأمين مستقبلها الطاقوي.
وفي تصريحه خلال الملتقى، أوضح المستشار في الطاقة شعيب بوتمين أن التوجه الأوروبي الجديد، لاسيما ما يتعلق بما يُعرف بـ “بصمة الكربون”، يفرض تحديات كبرى على الدول المنتجة للطاقة. وأكد أن عديد الدول باتت تستثمر بقوة في ما يُعرف اليوم بـ”بيزنس الكربون”، وهو مجال اقتصادي جديد يتطور بسرعة ويعتمد على تكنولوجيات متقدمة تهدف إلى استخلاص ثاني أكسيد الكربون من العمليات الصناعية، واستغلاله في مجالات مثل تعزيز إنتاج النفط والغاز. وأعطى مثالًا على ذلك بما يتم تطبيقه في بعض المنشآت مثل محطة فيصل، حيث تُستخدم تقنيات استرجاع ثاني أكسيد الكربون (CO₂ Recovery) للمساعدة في رفع إنتاجية الآبار.
كما أشار إلى أن الحديث عن نهاية النفط والغاز غير دقيق، بل خاطئ تمامًا، موضحًا أن الطاقات المتجددة لا تكفي لوحدها لتغطية جميع الاحتياجات الصناعية والاقتصادية. فالنفط والغاز لا يُستخدمان فقط كمصدر للطاقة، بل يدخلان في صناعة الكيماويات، الأسمدة، والمنتجات الاستراتيجية الأخرى التي لا يمكن للطاقات البديلة تعويضها في الوقت الحالي. ولفت الانتباه إلى أن تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة الرقمية أصبحت تلعب دورًا جوهريًا في تحسين أداء المنشآت وخفض التكاليف، ما يُعد تحولًا نوعيًا يجب دعمه وتعزيزه على المستوى الوطني.
وفي السياق ذاته، أكد البروفيسور الحاج ملياني من جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف ، خلال مشاركته في الملتقى، أن الجامعة أصبحت فاعلًا اقتصاديًا أساسيًا، وليست مجرد فضاء أكاديمي. وشدّد على أن الجامعة تعمل بالشراكة مع مؤسسات وطنية، على غرار المديرية المركزية للبحث والتكنولوجيا في بومرداس، لتقديم حلول ملموسة تستجيب لحاجيات قطاع الطاقة والاقتصاد الوطني.
وقدّمت الجامعة خلال الملتقى عدة مشاريع بحثية استراتيجية، من بينها مشروع الهيدروجين الأخضر، الذي يُعد من بين الحلول المستقبلية للطاقة النظيفة، ومشروع “الهيدروجين نمبر”، بالإضافة إلى مشروع تطوير مضادات الأكسدة. واعتبر البروفيسور الممثل للجامعة أن هذه المبادرات تُجسد انخراط الجامعة الحقيقي في خدمة الاقتصاد الوطني، من خلال توظيف البحث العلمي في تقديم حلول عملية ومبتكرة للصناعة الوطنية، لاسيما في ظل التحولات البيئية العالمية المتسارعة.
وخلصت هذه المداخلات إلى أن مستقبل الطاقة في الجزائر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بمدى قدرة الجامعة على الاندماج في محيطها الاقتصادي والاجتماعي، وبمدى استعداد مؤسسات الدولة والصناعة لدعم البحث والابتكار، من أجل بناء نموذج طاقوي مستدام، يوازن بين متطلبات التنمية والحفاظ على البيئة.
