ترسم الجزائر صفحة جديدة في دفتر الريادة الإفريقية، مؤكدة مرة أخرى قدرتها على الجمع بين حسن التنظيم، والرهان التكويني، والتوجه الإستراتيجي في خدمة الشباب الإفريقي من خلال إطلاق النسخة الأولى من الألعاب الإفريقية المدرسية في أجواء احتفالية وبدعم حكومي وقاري واسع، لتجعل من هذه التظاهرة الرياضية التربوية حدثا غير مسبوق في أجندة القارة. حيث امتدت التحضيرات لأشهر طويلة بين أربع مدن رئيسية بشرق البلاد، هي قسنطينة، عنابة، سطيف، وسكيكدة، لتحتضن فعاليات هذه الطبعة التي تسعى إلى اكتشاف الجواهر الرياضية في عمر الزهور، وتطوير النخب الشابة في إفريقيا، في أفق تمثيلها لاحقا في التظاهرات الكبرى.
اعتُبرت هذه المبادرة ثمرة تعاون بين الجزائر وجمعية اللجان الأولمبية الوطنية الإفريقية "الأنكوا"، وتم تعزيزها عبر بروتوكول اتفاق مع الاتحاد الدولي للرياضة المدرسية، ما أضفى عليها طابعًا مؤسساتيًا عالميًا، وفتح الباب أمام ريادة إفريقية فعلية في مجال الاستثمار في الرياضة المدرسية. المبادرة لقيت دعما مباشرا من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي حرص على وضع هذه الدورة تحت رعايته الشخصية، ما أعطاها بعدًا سياسيًا واستراتيجيًا، ليس فقط في بعدها الرياضي، بل في بعدها الدبلوماسي أيضًا.
الرياضة المدرسية منصة للتميز والقيادة
جاءت تصريحات رئيس "الأنكوا"، مصطفى براف، لتؤكد على الطبيعة التكوينية لهذه الألعاب، مشيرًا إلى أن الرياضة المدرسية هي فضاء متكامل لاكتساب مهارات حيوية كالانضباط، العمل الجماعي، والمثابرة، إلى جانب ترسيخ القيم الأولمبية الأصيلة كالصداقة، اللعب النظيف، والتضامن. كما أشار إلى أن هذه الألعاب تعد نقطة انطلاق لاكتشاف مواهب رياضية حقيقية، ستكون قادرة على تمثيل بلدانها في المواعيد الرياضية المقبلة مثل أولمبياد لوس أنجلوس 2028 وبريزبان 2032. وأشادت جمعية اللجان الأولمبية الوطنية الإفريقية “الأنكوا”،بدور الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في رعاية الدورة الأولى من الألعاب الإفريقية المدرسية
وإلى جانب الجانب الرياضي، تركز التظاهرة على الأبعاد الصحية والنفسية، حيث تلعب الرياضة المدرسية دورًا كبيرًا في تحسين اللياقة البدنية والرفاه النفسي للتلاميذ، وتُسهم في بناء ثقتهم بأنفسهم، ما ينعكس إيجابًا على مستواهم الدراسي والشخصي. من جهتها، أكدت اللجنة الأولمبية الدولية دعمها الكامل لهذه المبادرة التي تشكل خطوة واعدة نحو إعداد جيل إفريقي واثق ومؤهل لخوض التحديات العالمية.
وفي مشهد يعكس جدية الدولة الجزائرية في إنجاح هذه التظاهرة، شهد مطار رابح بيطاط الدولي بعنابة اليوم السبت استقبالًا رسميًا لوفد وزاري هام، يقوده وزير الشباب مصطفى حيداوي، ووزير التربية الوطنية محمد صغير، بحضور وزير الرياضة وليد صادي، وواليي عنابة والطارف، حيث أشرف الوفد على الانطلاق الرسمي للفعاليات. كما برمجت زيارات ميدانية إلى عدد من المخيمات الشبانية، أبرزها مخيم مخصص لأطفال الجمهورية الصحراوية، ما يعكس أيضًا البعد التضامني والسياسي الذي تكتسيه هذه الألعاب
