منذ بداية حواره الدوري مع وسائل الإعلام الوطنية أعلن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون "أن الجزائر تسير في الطريق الصحيح" و طيلة مراحل هذا الحوار حرص السيد رئيس الجمهورية على استعراض معالم هذا الطريق المتمثلة في منجزات البلاد على مستوى مختلف قطاعات التنمية الوطنية الاقتصادية و المالية و التربوية و الإعلامية و الثقافية و الإدارية و السياسية , و في سياق رده على أسئلة الصحفيين أوضح رئيس الجمهورية أن "حرية التعبير مضمونة في الجزائر ولكن حرية الشتم والتجريح غير مسموح بها", فاتحا المجال للأحزاب السياسية لتمكينها من الظهور الإعلامي و المساهمة في إثراء الساحة الوطنية بمبادرات تدعم المسار السياسي للبلاد , و تهيء الظروف "للحوار الوطني الجامع المزمع تنظيمه مستقبلا" بعد "تحديد كيفية وصيغ تنظيمه، ليتمكن جميع الفاعلين من إبداء رأيهم، لبناء جمهورية قوية ديمقراطية".
و لتحقيق هذه الغاية يجب تسوية العقبات التي تحول دون صدور قانون الأحزاب عبر البرلمان من خلال حوار بناء بين الدولة و التشكيلات السياسية , و شدد السيد رئيس الجمهورية في هذا الصدد على إلزامية مثل هذا الحوار بين الطرفين , مع مباشرة "مراجعة قانون الانتخابات "في بعض أجزائه التقنية", إلى جانب إدخال تعديلات على مهام السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، مع تأكيده على أن تنظيم الانتخابات التشريعية والمحلية القادمة "سيتم في الآجال".
و لا شك أنه لا يمكن أن يتحقق النجاح لأي حوار بعيدًا عن رعاية المؤسسات الشرعية للدولة, وما لم تتول هي أو تفوض هي من يشرف على تجسيدها.
و بالتالي فإن طابع المشاكلة هي التي تحدد أطراف الحوار , و مراحله و محاوره و آلياته , و ما إلى ذلك من شروط استمراره و إيصاله إلى نهايته التي تمنح لكل ذي حق من أطرافه حقه دون إقصاء أو تمييز و هو ما يفرض تجاوز الشروط المسبقة كالتي تحاول اختيار من يحاورها و تحاوره ,لأن الحوار في هذه الحالة يتحول إلى منولوج بين أطراف من نفس الخندق , و إن اختلف الزي , كما ينبغي أن يكون الحوار بناء , بمعنى أن يسعى إلى تجسيد مطالب الشعب التي اختارها عبر صناديق الاقتراع المباشر , لا في تحقيق مصالح و مآرب من يحاورون باسمه ,دون تفويض منه و كذا , التوقف عن شيطنة هذا الطرف أو ذاك , و في تشويه سمعة أية شخصية وطنية تسند لها مهام إدارة جلسات الحوار بعيدا عن شبهات الميل لهذا الطرف أو ذاك , لأن استمرار حملات شيطنة الشخصيات الوطنية , ستؤدي بهم في نهاية المطاف إلى النأي بأنفسهم عن الحوار السياسي , و من ثم البحث عن وسطاء محايدين يتعذر التوافق حولهم.
و لا شك أن الحوار وحده كفيل بغربلة كل هذه المبادرات و فرز الأنسب منها لمباشرة حوار توافقي مقبول من طرف لا نقول كل الأطراف و لكن من الأغلبية المريحة التي تمكن من إجراء الاستحقاقات الانتخابية القادمة في ظل الشفافية , و بما يستجيب لمطالب الشعب كله لا للنخب الحزبية وحدها .
و لذا يصبح مسلك الحوار مع الأحزاب دون إقصاء "إلا من أقصى نفسه" , الخيار الأنسب لمعالجة العلاقات و الخلافات السياسية في البلاد و تجاوز عقبات الطموحات السياسية لدى البعض.
