أشرف المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، زرب أيسعد، صباح اليوم، على إعطاء إشارة انطلاق الموسم الجامعي الجديد 2025/2026 لفائدة المحبوسين بالمؤسسة العقابية والتأهيلية بغليزان، في إطار برنامج التكوين الجامعي عن بعد المنظم بالشراكة مع جامعة التكوين المتواصل.
وحضر الحفل والي الولاية وإطارات من وزارتي العدل والتعليم العالي، إلى جانب ممثلين عن السلطات القضائية والأمنية، في أجواء جسدت البعد الإنساني والتربوي لبرامج إعادة الإدماج التي تسعى من خلالها الدولة إلى تمكين النزلاء من حقهم في التعليم والتكوين.
وفي كلمته بالمناسبة، أكد المدير العام أن هذا البرنامج يندرج ضمن استراتيجية شاملة لترقية التعليم والتكوين داخل المؤسسات العقابية، باعتباره أحد أهم الوسائل الفعالة لإعادة الإدماج الاجتماعي. وأوضح أن الجهود المبذولة مكّنت من تحقيق نتائج مشجعة، تجسّدها الأرقام المسجلة خلال الموسم الجامعي الحالي، حيث بلغ عدد المحبوسين المسجلين في التعليم الجامعي 2642 طالبا موزعين على مختلف المؤسسات العقابية عبر التراب الوطني، من بينهم طلبة في طور الليسانس والماستر، مع إمكانية مواصلة الدراسة في الدكتوراه مستقبلا.
وبيّن زرب أيسعد أن عدد المسجلين في طور الليسانس عن بعد بلغ 2629 محبوسا ضمن أربع اختصاصات، منهم 1126 في السنة الأولى، و901 في السنة الثانية، و602 في السنة الثالثة، فيما سجّل 13 محبوسًا في طور الماستر ضمن ثلاث تخصصات، منهم تسعة في السنة الأولى وأربعة في السنة الثانية. كما تم خلال الموسم الفارط مناقشة ست مذكرات تخرج في طور الماستر لفائدة محبوسين من مؤسسات عقابية مختلفة، تحت إشراف أساتذة من جامعة التكوين المتواصل.
وأضاف المدير العام أن القطاع شهد في السنوات الأخيرة تزايدا في الأنشطة والبرامج التربوية والتكوينية، ما يعكس الجهود المبذولة للارتقاء بمستوى النزلاء وتأهيلهم لإعادة الاندماج الإيجابي في المجتمع. وأكد أن هذه البرامج تهدف إلى إعدادهم للعودة إلى الحياة الاجتماعية والاقتصادية بروح مسؤولة ومثمرة، بما يجعلهم عناصر فاعلة تساهم في بناء المجتمع وتحقيق أمنه واستقراره، مشيرا إلى أهمية آلية الحرية النصفية التي تسمح بمتابعة عدد من النزلاء تكوينهم خارج المؤسسات العقابية في إطار مرافقة تدريجية تعزز إعادة الإدماج الواقعي وتكرّس مبادئ الإصلاح والتصالح مع المجتمع.
من جانبه، ثمّن مدير جامعة التكوين المتواصل، البروفيسور يحيى جعفري، التعاون المثمر بين قطاعي العدل والتعليم العالي، مؤكدا أن الجامعة تراهن على توسيع استعمال الرقمنة في التعليم والتكوين، سواء داخل الجامعات أو المؤسسات العقابية، في إطار مشروع وطني شامل لتحديث أنظمة التعليم العالي. وأوضح أن القطاع يسير بخطى ثابتة نحو رقمنة شاملة تشمل أكثر من 68 أرضية رقمية مخصّصة للتدريس في أطوار الليسانس والماستر، إضافة إلى ست أرضيات رقمية أخرى موجّهة لتسيير الميزانيات القطاعية المختلفة، ما أتاح تكوين ما بين 15 و20 ألف موظف في قطاعات متعددة.
كما أبرز البروفيسور جعفري أن المنصات الرقمية التفاعلية داخل المؤسسات العقابية تمكّن النزلاء من تلقي الدروس بنفس مستوى التعليم الجامعي العادي، ومواصلة دراستهم في مختلف الأطوار، بما فيها ما بعد التدرّج (الدكتوراه)، في إطار شراكة استراتيجية بين إدارة السجون وجامعة التكوين المتواصل. وكشف عن ارتفاع عدد الطلبة الجامعيين من فئة النزلاء من 2054 طالبا العام الماضي إلى 2770 طالبا هذا الموسم، وهو ما يعكس - حسبه - تزايد الوعي بأهمية التعليم في إصلاح الفرد وإعادة إدماجه في المجتمع.
وفي السياق ذاته، أشار البروفيسور جعفري إلى الديناميكية التي تعرفها الجامعة في مجال الابتكار داخل المؤسسات العقابية، موضحا أن النزلاء المبدعين بالمؤسسة العقابية بالنعامة تمكنوا من تسجيل خمسة مشاريع مبتكرة، تم قبول مشروعين منها داخل حاضنة الأعمال بجامعة النعامة، في تجربة تجسد نجاح التأهيل والإدماج من خلال تشجيع روح الابتكار والمقاولة حتى داخل الفضاءات الإصلاحية.
كما تطرّق إلى النتائج المتميزة التي حققها النزلاء في المجالات الأكاديمية والرياضية، مبرزا تتويج عدد منهم في مسابقات وطنية ودولية، وتسجيل حضور مشرّف في الفضاء الإفريقي وحتى في المحافل العالمية، وهو ما يعكس.- كما قال - إصرار هذه الفئة على التحدي وبناء مسار جديد قائم على التكوين والمعرفة.
وشهدت المناسبة تكريم النزلاء الناجحين في شهادتي البكالوريا والتعليم المتوسط، الذين حققوا نتائج باهرة رغم ظروفهم الخاصة، كما قام المدير العام بجولة داخل المؤسسة العقابية اطلع خلالها على الورشات التكوينية والوسائل البيداغوجية والرقمية المسخّرة لفائدة الطلبة النزلاء، وتفقد معرضا للأعمال الفنية والحرف اليدوية التي أبدعها النزلاء، والتي تبرز ثمرة برامج التكوين المهني داخل المؤسسة.
وفي ختام الزيارة، جدّد المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، زرب أيسعد، التزام القطاع بمواصلة مسار الإصلاح وترسيخ مقاربة الإدماج الاجتماعي عبر التعليم والتكوين، باعتبارهما أساس بناء الفرد الصالح والمجتمع الآمن.
أكتب تعليقك