الصحفية السويدية المكرن جارد : باعت ممتلكتها لشراء السلاح و إنجاز فيلم عن الثورة الجزائرية

الصحفية السويدية المكرن جارد  : باعت ممتلكتها لشراء السلاح و إنجاز فيلم عن الثورة الجزائرية
الذاكرة
السويدية المكرن جارد امرأة جمعت جميع الفضائل واكسبتها الثورة الجزائرية سمعة عالمية في الخمسينيات من القرن الماضي . صحفية سويدية تنتمي إلى عائلة غنية أرستوقراطية من مواليد 1925، ووالدها كان ضابط سامي في الجيش السويدي و والدتها كانت تمتلك وتدير جميع مصانع الحرير في ستوكهولم. عرفت المكرن بجمالها و أناقتها وحدت ذكائها وشجاعتها وحزمها. اشتغلت في الصحافة، فكانت صاحب القلم الذي يهابه الجميع . استنكرت ظروف الحرب القاسية في الجزائر وبصورة خاصة للظروف التي كان يعيشها الجزائريين وكانت مناصرة من بعد للثورة الجزائرية ومع أنه كان من الغير مسموح و مقبول للشخصيات التلفزيونية ممارسة السياسة و إظهار مواقفهم اتجاه قضايا عالمية ، قررت الاستقالة بسبب مناصرتها للقضية الجزائرية حيث أن خطابها اعتبر غير مناسب. حملت حقيبتها و آلة التصوير و قررت الرحيل الى الجزائر لتصوير ما يحدث من جرائم وإبادة جماعية وإرهاب الناتو والجيش الفرنسي، فاجتاحت الحدود التونسية الجزائرية واجتازت خط مكهرب بأكثر من 5000 فولت (خط شارل موريس) و جميع الأراضي الملغمة بإعجاز وأعجوبة وكان ذلك مع عدد من المرشدين الذي انفجرت عليه قنبلة . لم تخف المكرن ولم تتراجع إلى الوراء و تشاهد مرشدها مقطع الأرجل يلفظ أنفاسه الأخيرة ...قررت مواصلة الرحلة لتلتقي بالمجاهدين، وفي نيتها خدمة القضية الجزائرية و مواجهة الحملة الإعلامية العالمية على الكفاح الجزائري وفضح الدعاية المغرضة التي تفننت فيها فرنسا باسم مشروع تصدير الحضارة . تمكنت المكرن من الوصول إلى الجبال والالتقاء بالمجاهدين وعاشت هناك 9 أشهر معهم تصور عملياتهم البطولية و خسائر الجيش الفرنسي . من جملة ما قالت عن أبطال الثورة التحريرية " لازلت في حيرة كيف كان يقاوم الشعب الجزائري طيلة أكثر من قرن عدو وحشي يمتلك أقوى جيوش العالم ، قرأت الكثير عن شجاعة الشجعان في التاريخ والأساطير لكن لم أشاهد مثيلا لها كشجاعة الجزائريين في حربهم الاستقلالية، لم أكن أؤمن بالغيبيات لكن أصبحت أصدق بذلك بعدما رأيت قوة غيبية تحمي المجاهدين من الطائرات الحربية التابعة للناتو وفرنسا تقصفهم بجنون من دون هوادة ، و عندما وصلت إلى عند الثوار و أخذوا يستجوبونني أدركت أن هؤلاء ليسوا وحوش مثلما كانت فرنسا تقول بل جميع أسئلتهم توحي بثقافتهم العالية و حذرهم الشديد ." عندما رجعت الصحفية إلى السويد بعد 9 أشهر، باعت كل ما كانت تملك وقدمت ذلك المال كمساعدة للجبهة في فرنسا لشراء السلاح و الأدوية و الألبسة و جميع المستلزمات . ألقت عليها فرنسا القبض في باريس 1961 بتهمة دعم جماعات إرهابية فلم يلبث أن تدخلت العائلة الملكية السويدية لإطلاق سراحها. كان فيلمها الوثائقي، أول فيلم يبث في التلفزيون عن المجاهدين وكان جميع عملها ضربة مؤلمة و قاسية للإعلام الفرنسي، سويدية حطمت عروش الاستكبار العالمي بإعلامها و تضحياتها و شجاعتها و قوتها في عشق الحقيقة ونصرة المستضعفين، لتتوفي سنة 2008، وتبقى في الذاكرة الوطنية الجزائرية مثالا للإنسانية و صديقة للثورة الجزائرية .

يرجى كتابة : تعليقك